قال أحمد الحازمي في شرح مقدمة ابن أبي
زيد القيرواني :” ها والفرق التي تَنَوَّعت إليها لم يكن ذلك ، وإنما كان
الحكم منصبًّا على ماذا ؟ على ذات العقيدة – انتبه – إذا نظرت في كلام السلف تنظر
بهذا الاعتبار ، وإنما هذه رسخت عندما نشأت ما يُسمّى بكتب الملل والنحل ، وفي
البداية لم تكن كذلك في كلام السلف ، وإنما كانوا ينظرون من طعن في الصحابة فهو
كذا ، من قال القرآن مخلوق فهو كذا ، من قال استوى بمعنى استولى فهو كذا ،
يُرَتِّبون الأحكام على ماذا ؟ على العقائد ، بقطع النظر جهميًّا معتزليًّا
أشعريًّا أيًّا كان منهجه ودربه وما يسير عليه ، حينئذٍ تنظر إلى الاعتقاد ذاته ،
فإذا قالوا : من قال القرآن مخلوق فقد كفر . إذًا كل من اعتقد هذا ، بعض الناس
نسمع عن بعضهم وموجود عند بعض أهل العلم تقول الجهمية غلاة ودونهم ، الغلاة كفار ،
والجهمية الذين هم دون الغلاة ليسوا بكفار ، والعقيدة واحدة ، هؤلاء يعتقدون أن
القرآن مخلوق وكفرهم السلف الغلاة ، وأفراخهم الذين أخذوا الرواية من بعدهم كذلك
يعتقدون أن القرآن مخلوق فقد كفر . إذًا كيف تفرق بين قول السلف ؟ تكفرهم في
الغلاة لكونهم من النواقض عندهم أن القرآن مخلوق ، ثم من يأتي بعدهم ويكون أخف
منهم كفرًا فيعتقدون ذات العقيدة ثم لا نكفرهم بها ؟ نقول : هذا ليس بصواب ، بل
الصواب الحكم يكون منوطًا بماذا ؟ بالمعتقد ، سمهم غلاةً سمهم دون ذلك ، وإنما
فرَّق من فرَّق بين الغلاة ومن دونهم هذا يعتبر في ماذا ؟ باعتبار قوله تعالى : ﴿
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ﴾ [ التوبة : 37] . يعني الغلاة أشد
لا ينبغي أن يلتبس على المسلم ، وأما الجهمية الذين هم دون الغلاة عندهم نواقض
كذلك ، لكن أخف من الغلاة ، كذلك ما يتعلق بالرافضة غلاة ودونهم كذلك المعتزلة
بعضهم نوعهم إلى أنواع ، والعقيدة هي بذاتها عي نفسها “
وهذا الكلام يدفع الكلام السابق الذي
نقدته عليه وهو متأخر عن كلامه المنتقد فجزاه الله خيراً مع التنبيه على أن الأشاعرة والمعتزلة جهمية في باب
الصفات والأشاعرة كذلك في باب القدر والإيمان
والتنبيه أيضاً على أن الأشاعرة غلاة في
التجهم وزادوا في بعض الأبواب على الجهمية الأولى كما شرحته في المقال السابق
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم