التبكير إلى الجامع خير من إطعام جائع…

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

من العبارات السيارة في زماننا (إطعام جائع خير من بناء جامع) وهي فرع عما يراه كثير من الناس من تفضيل حق المخلوق وما فيه منفعة مباشرة دنيوية حاضرة له، على حق الخالق وما فيه منفعة أخروية جليلة.

لا شك أنه لا تعارض بين فضل بناء الجامع والصلاة فيه والزكاة والصدقة، بل هي أعمال مقرونة دائماً في كتاب الله عز وجل.

والناس يذهبون إلى بيت الله ويزيد إيمانهم ويتشجعون على كل خير، بما في ذلك الصدقة.

غير أن هناك حديثاً مشهوراً في فضل التبكير إلى الجمعة يُبيِّن غلط هذه العبارة.

قال البخاري في صحيحه: “929- حدثنا آدم، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة، قال: قال النبي ﷺ: «إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المُهجِّر كمثل الذي يهدي بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشا، ثم دجاجة، ثم بيضة، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم، ويستمعون الذكر»”.

والخبر في صحيح مسلم.

ففيه أن المُبكِّر للجمعة كالمُهدي بدنة، يعني كمن ذبح بدنة لوجه الله وأطعمها للفقراء.

والبدنة لا تُطعِم فقيراً واحداً، بل جمعاً غفيراً من الفقراء.

وهذا الفضل لا يُنال إلا إذا وُجد جامع.

والصلاة خير عمل المرء، ودائماً تُقدَّم في كتاب الله على غيرها من الأعمال.