التباين بين الشريعة والقانون الوضعي

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

جون ف مولوي هو قاضي أمريكي عمل في سلك القضاء والمحاماة خمسين عاماً أو أكثر

وكتب كتاباً أسماه ( مؤامرة المحامين والقضاة ) عن الفساد القضائي في الولايات المتحدة الأمريكية

سأضع مقتطفات مترجمة من الكتاب والكتاب ليس مترجماً بالعربية

قال عن بدايات عمله في هذا السلك في الأربعينات : في تلك الأيام كان النظام القظائي مباشرا وفعالا. و القرارات كانت تُصدر من قِبل القضاة الذين طبقوا القانون على الشكل الصحيح للدستور و النظام الصحيح للولاية. القضايا كانت تأخذ شهر او شهرين، وليس سنين في قاعة المحكمة كان الشيء الاهم هو التركيز على إظهار الحق.

يقصد أن الأمور كانت تحل بشكل سريع لا كمثل الحاصل الآن تأخذ الجلسات سنوات وهذا حاصل حتى في بلداننا الذين يقلد أهلها الولايات المتحدة وهو سيبين أن هذا ليس ضرورياً وإنما أمر يفعله القضاة والمحامون لتزيد أجورهم ولو على حساب تأخر العدالة

تطورت مهنة المحاماة بشكل درامي خلال ال ٨٧ عام من حياتي.
انا محامي من الجيل الثاني من عائلة إيرلندية استقرت في يوما. (منطقة في ولاية أريزونا)
أبي دخل السجن بعد جدال مع المحكمة الأمريكية العليا ما أدى إلى انتهاء مسيرته المهنية القانون تغير بشكل درامي خلال سنواتِ في المهنة.
مثلا ، عندما قبلت اول موعد لي كقاضي لمقاطعة (pima) بيما في ١٩٥٧ ، رأيت المحامين يعاملونني ويتوقعون مني ان اتصرف كحكم مباراة أكثر من أني قاضي.
محكمة المقاطعة التي ترأستها كانت تشبه حلبة مصارعة ، مع مبارزة المحامين يسيرون للحصول على نقاط من بعضهم البعض مع ملخصات محسوبة وباطلة
وهذه كانت فقط البداية.

عندما انهيت الخمسين سنة لي كمحامي عام ، قاضي و رئيس لجنوب ولاية أريزونا للقانون، لم يعد لدي الثقة في الأخوةَ القانونية التي انضممت لها ، و لا أنكر اني استفدت منها.

دخلت بهذا المجال بعمق ، لكن عندما نظرت إلى الخلف، شعرت بأنه علي ان اكتب كتاب كتابا عن قضايا خطيرة في مهنة المحاماة والآثار المترتبة على العملاء والمجتمع ككل.
المحامون والقضاة المتواطئون كانوا سبب أساسي لكي أعمل على الإصلاح القانوني.

وقال تحت عنوان ( تطور مزعج )

دستورنا مُعد على أن المنتخبين هم الوحيدين الذين يستطيعون سَن القوانين.

غير أن القضاة ينشئون قانونهم الخاص في النظام القضائي استنادا إلى آرائهم وأحكامهم. تسمى بالسوابق القضائية، أو سابقة قانونية.
وهذا يحدث الآن على نحو متسق بحيث أصبحنا أكثر عرضة لأحكام قضائية للقضاة بدلا من القوانين التي وضعتها الهيئات التشريعية المنصوص عليها في دستورنا.

هذا النظام للسوابق القضائية هو كابوس دستوري لأنه يغير باستمرار القصد الدستوري. أما بالنسبة للمحامين، فإنه يخلق فرصا تجارية لا نهاية لها. وذلك لأن السوابق القضائية معقدة من الناحية الفنية وتتطلب خبرة المحامي لتوجيه ونقل من خلال النظام. (System) وقد يبدأ النظام القضائي بالقوانين التي سُنت ، ولكن الاختلافات الناتجة عن تطبيق القاضي لسوابق قضائية غالبا ما تغير المعنى النهائي بصورة كبيرة.

أقول : سبب كثرة السوابق القضائية قصور القانون الوضعي فهو ليس كالشريعة فيها أحكام كثيرة محسومة وقواعد فقهية مرجوع إليها وتراث دونه العلماء في القضايا والنوازل على أربعة عشر قرناً وإنما فقط قواعد مطلقة كلية ثم الأمر لهوى القاضي تماماً .

وقال تحت عنوان : سيطرة المحامي

عندما يضع محام ما رداء ويأخذ مقاعد المحاماة، هو أو هي تسمى قاضيا. ولكن في الواقع، عندما ينظر القضاة إلى أسفل من مقاعد القضاة هم محامين يبحثون على زملاء أعضاء في العمل. وفي أي مجال آخر من نظام المؤسسات الحرة، سيعتبر ذلك تضاربا في المصالح.
فعندما يقوم المحامي بأداء القسم كقاض، فإنه يعزز فقط الطبقة الحاكمة للمحامين والقضاة.
فأولا، لا ينتخب القضاة في مقاطعات ماريكوبا وبيما، بل ترشحهم لجان للمحامين، إلى جانب المواطنين المعنيين.

هنا كلامه في غموض غير أنه يقصد أن المحامين عندهم وسائل ضغط على القضاة خصوصا أن هم من ينتخب القضاة وكثير منهم مشترك في الزمالة مع هذا القاضي في محنة المحاماة وهذا يفتح أبواباً للمحاباة وأمور أخرى سيتحدث عنها ولاحظ أن القضاة لا ينتخبهم عامة الشعب وإنما أهل التخصص فحسب

وقال تحت عنوان Business of law الأعمال التجارية القانونية

Business of law الأعمال التجارية للقانون

قد تحول مفهوم “الوقت” إلى إيرادات هائلة للمحامين. وقد اعتمدت المهنة أنظمة تفصيلية حيث تتم محاسبة العملاء على وقت المحامي في غضون ست دقائق.
والمهنة شبه القانونية هي من بنات أفكار القوم .

أقول : يقصد ما يفعله المحامون اليوم من كون الاستشارة ثمنها كيت وكيت فالوقت بحد ذاته يساوي مالاً لا نفس الخدمة وهذا المفهوم الذي يقوم عليه الربا أصلاً وفي هذا ظلم للعميل فهو لم يجنِ شيئاً ويدفع قبلها وقد يرجع له ماله وقد لا يرجع

ثم يقول وقد قامت الشركات ذات الطاقة العالية بتقسيم خدماتها إلى مراكز منفصلة للربح، كسب الثقة ، المحاكمة التجارية وما إلى ذلك. وأصبحت مهنة القانون التي كانت ذات مرتبة شرف تعمل الآن بشكل كامل كخط أساسي، مدفوعا بالجشع والسعي إلى السلطة والثروة ، حتى تشكيل قوانين الولايات المتحدة خارج الكونغرس المنتخب والمجالس التشريعية للولايات.

Bureaucratic design تصميم البيروقراطية ( البيروقراطية تعني حكم النخبة ويقصد بها غالباً حكم رجال الدين وهو هنا يشبه القوم بهذا )

في وقتنا المعاصر مهارات وألاعيب المحامين غير صادقة هي التي تحكم على القضية.

ونحن المحامين نحب هذا (يقصد الكذب والتزوير)
كل الأدوات هناك غامضة ومربكة، وكثيرا ما تعمل عملية اكتشاف النظام والقاعدة الاستبعادية على إبقاء المعلومات الحيوية خارج نطاق المحلفين وجعل القضايا ملتوية ومعقدة بحيث لا يفهمها سوى المحامون والقضاة.
وكان الأثر الصافي هو زيادة حاجتنا للمحامين، خلق المزيد من العمل بالنسبة لهم، وتسد المحاكم وتضمن أن معظم القضايا لا تذهب إلى المحاكمة، بدلا من ذلك، نداء مساومة.

وقد أدى تضليل القانون الأمريكي إلى نافورة من المال للمحترفين القانونيين في حين أن الناس العاديين الذين يتأثرون بشكل متزايد بالتغييرات التي يحركها المحامي، البيروقراطية التي تخدم مصالحها الذاتية، تتركها مشوشة وغير ممكن الانتفاع بها .

واليوم، يقدر أن ٧٠% من المواطنين ذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط لم يعد بإمكانهم تحمل تكلفة العدالة في أمريكا. ماذا يعتقد الآباء المؤسسون؟
مع أن هذا التفويض لوضع القوانين كان دقيقا جدا، وجرى تدريجيا على مدى عصور. مع هذا ، اليوم هذا النظام يسبب الكثير من العوائق في نظامنا القانوني، ولا أحد يملك الجرأة ليناقش هذه المسألة، لكن النتيجة واضحة. الأفراد الذين ليس لهم ظهر قوي ، لم يعد بإمكانهم المشاركة في النظام القانوني. الأمر اصبح صعباً ومعقداً ، فقد اعتمدنا وغذينا المحاميين طوال الوقت.

وبتعقيد القانون ، حصل المحامون على العمل الأكثر أماناً. لقد ولت الأيام التي عملت فيها المحاكم الأمريكية لخدمة العدالة ببساطة وبسرعة، وتشير التقديرات إلى أن 95 مليون دعوى قانونية تمر الآن بالمحاكم سنويا، والوقت والنفقات للمدعي أو المدعى عليه في نظامنا القانوني يمكن أن يكون ساحقا، ومن المؤكد أن الوقت قد حان للتساؤل عما حدث لنظامنا القضائي والتساؤل عما إذا كان من الممكن العودة إلى نظام يحمينا حقا من الأخطاء.

حين أقرأ كلام هذا الرجل مع كل مناصبه وأقرأ كلام العلمانيين عندنا عن العدالة عند القوم وكلام بعض المهاجرين العرب الذي يريد أن يظهر قرار هجرته بالقسر قراراً صائباً ينتابني شعور غريب وأحسب أنني تعرضت لخداع فظيع لمدة طويلة