البكتيريا ونقض العشوائية

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

لو كنت سيافاً وجئت لتقطع رأس إنسان حتى إذا جئت لتضربه حرك رأسه بحيث لا يصيبه السيف وينجو

هنا احتمالية أن يكون هذا الفعل وقع منه صدفة واحتمالية أخرى أقوى أن ذلك حدث منه قصداً ومن خلال وعي كامل بخطورة ما سيحدث له إن قطع رأسه

ماذا لو كنت قد فعلت هذا القطع بشخص قبله لا شك أن ذلك سيجعل حمل فعله على القصد لا الصدفوية قوياً بل متعيناً

في مثال مشهور يستدل به التطوريون على نظريتهم وهو أن البكتيريا تكتسب قدرة على مقاومة المضادات الحيوية _ والتي هي مستخلصة منها أصالة _ بعد إن لم تكن هذه القدرة موجودة فيسمون هذا الأمر طفرة عشوائية

وعشوائية تعني أن هذا الحدث صدفوي والواقع أن كل القرائن تدل على خلاف ذلك فالبكتيريا تغير من شكلها بحيث لا يلتهمها المضاد الحيوي _ كفعل الرجل الذي يحرك رأسه لكي لا يصيبه السيف _ والكل يعترفون أنه كلما ازداد استخدام المضادات الحيوية كلما ازدادت مقدرة البكتيريا على مقاومة الأنواع التي تم استخدامها _ كمثال السياف الذي قطع رأس شخص فأخذ زميله حذره _

الأمر يشبه جيشاً غزا قرية وكان عامل نصره عليها عنصر المفاجأة فقامت القرية المجاورة بأخذ احتياطاتها لما رأت ما حصل بأختها فعجز الجيش عنها لأنه فقد عنصر المفاجأة وأخذ الخصم الدفاعات اللازمة

تخيل أنهم يسمون هذا طفرة عشوائية ويرجعونه للصدفة مع أنه فعل واع تماماً يدل على اتقان خلقة هذا المخلوق مما يشير للخالق فالبكتيريا مع افتراقها تتعامل وكأنها جسد واحد فتستفيد من تجربة فناء نظائرها في حماية نفسها كما يقرأ أحدنا كتاباً في التاريخ فيأخذ منه العبر والخبرات فكيف يسمى هذا طفرة عشوائية ناشئة عن الحظ فحسب ؟!

والبكتيريا بقيت بكتيريا ولكن بمزيد من الخبرات وباستخدام ما أودعه الله فيها من القدرة على الدفاع عن نفسها فبدلاً من أن ينظر إليها الإنسان على أنها شيء يؤخذ منه العبرة ويسبح الخالق يأخذون منه دليلاً على أننا كومة من الصدف السعيدة المتراكمة فتعساً لتلك العقول

والمساكين يظنون ذلك دليلا علميا والواقع أنه استدلال فلسفي ضعيف فالمعطى العلمي متفق عليه ولكن هو يفسره مقدماته التطورية. وأنا بحسب مقدماتي ونظري وكل عاقل يمكنه الحكم أي التفسيرين أقوى تفسير العشوائية أم القصدية

وحين تضع قاعدة تقول : كلما كثر استخدام المضاد الحيوي كلما زادت فرصة الإصابة ببكتريا مقاومة للمضادات الحيوية.

ثم ترجع الأمر للعشوائية فأنت تنتحر عقليا

علما أنك لو نظرت في آليات مقاومة البكتيريا للمضادات لظهر لك بعد الأمر عن الطفرات العشوائية