الاحتفاء بالسمت الغربي

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

في مجتمعاتنا _ عند كثير من الناس _ حين تكون بزي افرنجي أو على الأقل حليقاً وتحسن الكلام والكتابة بالفصحى وعندك ثقافة عامة متوسطة فإنه ينظر إليك على أنك مثقف كبير خصوصاً إذا كنت تحسن كتابة الروايات أو الشعر وتعطي الأنثى ما تريد من الحديث عنها

ويكفي منك القليل من الحديث عن بعض قضايا الأمة أو بعض رموزها حتى تصنف من عظماء الأمة وإذا مت تقام عليك المآتم في كل محفل

وأما إذا كنت ملتحياً وعلى هيئة فيها مراعاة للسنة وبعد عن الهيئة الغربية فمهما كانت ثقافتك عالية واطلاعك واسع فإنه ينظر لك على أنك درويش أو متزمت ويتصيد عليك الناس الزلة ليرموك بالتنفير عن الدين ليبرروا ما هم عليه من المعاصي والتي ما فتأوا يعملونها حتى قبل زلتك

ومجرد التعريض بفساد الحكومة _ فضلاً عن التصريح _ ولو من منطلق قومي أو وطني أو ليبرالي بطولة تدمح الكثير من الزلل ، بطولة عظيمة أعظم من تدريس التوحيد والعقيدة والفقه والحديث عند العديد من المنسوبين للإسلاميين فضلاً عن غيرهم وذلك أن حقوقهم في أنفسهم أعظم من حق الله عز وجل كلما درنا وحاولنا أن نتعامى عن هذا المرض نجده ماثلاً أمامنا كأحسن تفسير لما نراه من الخطل ، ولا تقل لي أن المشكلة مع الحكومات مشكلة دين إذ لو كانت كذلك ما رأينا كل ذلك المديح ينصب على المجتمعات الغربية ويسعى للعيش هناك سعياً حثيثاً

بل عليك أن تدفع ثمن تمسكك بعقيدتك واستخدامك لألفاظ لا تناسب الهوى كألفاظ التكفير ولو بحق ، أو الحكم بالضلال والبدعة على من يستحق أو الحديث عن تحريم أمور يحاول البعض تحليلها بالباطل ، فلا يكفون عن التنفير منك والتعريض بك أنك تشغل الأمة عن قضاياها المهمة وتفرقها _ وأما الروايات وكرة القدم فلا تشغل الأمة أبداً وكأن بكل حرف من الرواية عشر حسنات _ ، وقضاياها المهمة على رأسها المصالح السياسية والاقتصادية فلو تكلمت بها بأي لسان سواء كان لساناً ليبرالياً حقوقياً أو لساناً قومياً أو لساناً عروبياً فضلاً عن إسلامي فأنت مرضي عليك نوعاً ما ، بشرط أن تشذب خطابك حتى يناسب أهواء الجماهير ومشاعرهم الجياشة ولا تنس أن تبتعد عن إلقاء اللوم عليهم في أي سياق فإن هذا يجعلك عندهم حظياً

باختصار لا تحدثه عن تقصيره في ذات الله بل كلمه دوماً عن المغفرة والرحمة ، ولكن حدثه عن تقصير الحاكم والنخب في حقه

وأوحي إليه أنه هو رمانة الميزان وليس حق الله عز وجل فمن عدل معه _ من وجهة نظره _ استحق الثناء في الدنيا والجنة في الآخرة سواء كان عمر بن الخطاب أو ميركل _ مع الاعتذار لذكر اسم الخليفة الراشد مع تلك في سطر واحد _

كلمه عن ( صناعة الوعي ) وكيف نبني فردوسا أرضيا ونحقق اقتصادا غنيا ونصرا سياسيا وانس التوحيد والعقيدة والفقه والتفسير والحديث الا اقتباسات قليلة تخدم القضية الأصل ( ولتكن حججك في ألمانيا كذا في اليابان كذا وطوف في الكون بحثا عن الفردوس الأرضي الذي يمكن أن يحاكى)

وصغر دور الولاء والبراء على العقيدة جدا وضخم باب كلمة الحق في وجه الظالم والظالم محصور بالسلطة السياسية فهذا ثوب مفصل عليها لا يليق الا بها وأعظم الظلم وهو الشرك أهله مساكين معذورون ولا تسعى في ازالة عذرهم فمالك وله اذ ليس قابلا للزوال ولا يدخلنا زواله الفردوس الأرضي بل ربما أشغلنا عن غايتنا ولكن إن رأيت من يؤيد ظالم ذاتك المقدسة فأقم عليه الحجة فإن لم يرجع فلك سبه وتصنيفه وتنزيل كل نصوص الولاء والبراء عليه

وربما يرضى عنك بعض هؤلاء حال تزمتك اذا سجنت أو قتلت وأحد أهم عوامل هذا الرضا أنه يرتاح من وعظك ويستخدمك في تأييد مظلمته

هذه ليست دعوة للدروشة كما قد يفسرها بعض من لا يعجبه الكلام فالسياسة الشرعية وحرب الظلم من الدين ولكن حين تحتقر العقيدة والانجاز فيها وتصير ثانوية هي وبقية العلوم الشرعية بحجة الوعي ومحاربة الظلم فذلك أمر مستفز غاية