الإنكار على من خالف طريقة الصحابة في التأثر بالموعظة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

فهذه كلمات في بيان شدة اتباع وحرصهم على متابعة الصحابة حتى في باب التأثر
بالموعظة

قال سعيد بن منصور في سننه 95: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
حُصَيْنٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : قُلْتُ لِجَدَّتِي
أَسْمَاءَ : كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأُوا الْقُرْآنَ ؟

 قَالَتْ : كَانُوا كَمَا نَعَتَهُمُ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : تَدْمَعُ أَعْيُنُهُمْ ، وَتَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ ، قُلْتُ
: فَإِنَّ نَاسًا هَاهُنَا إِذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَأْخُذُهُمْ عَلَيْهِ غَشْيَةٌ ،
فَقَالَتْ : أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ.

وهذا إسنادٌ صحيح ، وهنا أسماء بنت أبي بكر الصحابية الجليلة رضي الله
عنها تنكر على من تجاوز في تأثره الحد الذي كان يصل إليه الصحابة بالموعظة ، وترى أن
ذلك من الشيطان

وقال أبو نعيم في الحلية (4/230) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، ثَنَا أَبُو
يَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ مَعْرُوفٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، عَنْ
خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ، أَنَّ جَوَابًا التَّمِيمِيَّ كَانَ يَرْتَعِدُ عِنْدَ الذِّكْرِ،
فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ:

إِنْ كُنْتَ تَمْلِكُهُ فَمَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْتَدَّ بِكَ، وَإِنْ
كُنْتَ لَا تَمْلِكُهُ فَقَدْ خَالَفْتَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ .

وهذا إسنادٌ صحيح ، عبد الله هو أبو الشيخ الأصبهاني وبقية السند ثقات
معروفون ، وهنا ينكر التابعي الفقيه إبراهيم النخعي على جواب التميمي تلك الرعدة التي
كانت تأخذه عند سماع الذكر ، ويذكره بأن الصحابة ما كانوا كذلك

وقال أبو الفتح الطائي في كتابه الأربعين في منازل السائرين ص111 وهو يعدد
فوائد حديث العرباض بن سارية :” ومِنْهَا: أَنَّهُ حذرهم البدع، وصرح بأنها ضلالة،
وكل من عمل عملا أَوْ تكلم بكلام لا يوافق كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وسنه رَسُول صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسنن الخلفاء الراشدين فهو بدعة مردودة عَلَى قائله أَوْ
فاعله.

ومِنْهَا: أن عرباضا قَالَ: وعظنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ موعظة بليغة ذرفت مِنْهَا العيون ووجلت مِنْهَا القلوب، ولم يقل: صرخنا من
موعظته ولا زعقنا ولا طرقنا عَلَى رءوسنا، ولا ضربنا عَلَى صدورنا، ولا زفنا ولا رقصنا،
كما يفعل فِي زماننا كثير من الجهلة، فإن ذَلِكَ من الشيطان، بدليل أن النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصدق الناس كلاما وأنصح لأمته، وأصحابه أرقالخلق قلوبا

 فلو كَانَ هَذَا جائزا صحيحا مشروعا لكانوا أحق بِذَلِكَ أن يفعلوا بين يدي رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنه منكر وباطل”

فإذا كان هذا كلامهم فيمن خالف طريقة الصحابة في التأثر بالموعظة فما عساهم
يقولون فيمن أحدث عبادات وأحوال بل وعقائد على خلاف ما كان عليه الصحابة ، بل وخلاف
ما كان عليه التابعون والأئمة المرضيون

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم