الأعمش وهوس عدنان إبراهيم والرافضة …

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمعلوم أن عدنان إبراهيم لا يقبل الكثير
من الأخبار الصحيحة بل والمتواترة ولكن إذا تعلق الأمر بالحكم على أحد من الصحابة بالنار
فإنه يتعلق بقشة

فمن ذلك تعلقه في خطبته إنسانيتنا صوناً
وتنميةً بخبر سنبين علته وقد شرحه شرحاً لا يقدمه سياق الخبر فقد ادعى أن الحديث يدل
على أن الصحابة منهم من سيموت كافراً

قال أحمد في مسنده 26663 – ثنا عبد الرزاق
قال أنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل قال دخل عبد الرحمن بن عوف على أم سلمة فقالت
له اني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ان من أصحابي من لا يراني بعد أن
يفارقني قال فأتى عمر فذكر ذلك له قال فأتاها عمر فقال أذكرك الله أمنهم انا قالت اللهم
لا ولن أبلى أحدا بعدك.

وقبل الكلام على متنه سنتكلم على إسناده
فالحديث ظاهره الصحة

وقد رواه عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن
مسروق عن أم سلمة وعاصم صدوق يهم ويضطرب في حديث أبي وائل فلا يصمد لمخالفة الأعمش
فالأصح أن مسروق لا ذكر له وذكره وهم

ومن الناس من رواه ( شقيق عن أم سلمة
) ومن من رواه ( شقيق دخل عبد الرحمن بن عوف )

والأصح أن ( عن أم سلمة ) وهم والرواية
الثانية هي الأصوب

فقد رواه عن الأعمش كل من

1_ سفيان الثوري ( وروايته عند أحمد في
المسند )

2_ محمد بن عبيد وروايته أيضاً في المسند

3_ جرير ( وحديثه عند إسحاق في مسنده
)

4_ الحسن بن عمارة وروايته عند ابن طهمان
( والحسن متروك )

ورواه أبو معاوية الضرير بلفظ ( شقيق
عن أم سلمة ) والرواية الأصح رواية الجماعة ولهذا خرج البزار رواية أبي معاوية في مسنده
المعلل

فإن قيل ما الفرق ؟

قلنا : قال ابن رجب في شرح العلل
:” قال : وسمعت أحمد قيل له : إن رجلاً قال : (( عن عروة قالت عائشة يا رسول الله
. وعن عروة عن عائشة سواء )) . قال : (( كيف هذا سواء ؟ ليس هذا بسواء )) فذكر أحمد
القسمين اللذين أشرنا إليهما”

يعني إذا كانت الرواية يقول عروة ( قالت
عائشة لرسول الله ) فهو مرسل لأنه وإن أدرك عائشة فهو لم يدرك رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولكنه لو قال ( عن عائشة ) فهذا معناه أنه تلقى الخبر منها وانتهى الموضوع

فإن قيل : هذا لا يضر هنا فأبو وائل أدرك
أم سلمة وعبد الرحمن بن عوف

فيقال : نعم أدرك أم سلمة وحديثه عنها
في صحيح مسلم مع أنه لم يصرح بالسماع لذا اجتنب البخاري الخبر على تشدده المعروف وخرجه
مسلم إذ للخبر شواهد والخطب فيه يسير

ولكن هل سمع أبو وائل عبد الرحمن بن عوف
؟

نعم أدركه ولكن هناك قرينة تدل على أنه
لم يسمعه وذلك أنه وردت روايته عنه بواسطة

قال الطبري في تفسيره 12593 – حدثنا ابن
بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن أبي وائل قال، أخبرني ابن
جرير البجلي قال: أصبت ظبيًا وأنا محرم، فذكرت ذلك لعمر، فقال: ائت رجلين من إخوانك
فليحكما عليك. فأتيت عبد الرحمن وسعدًا، فحكما عليّ تيسًا أعْفَر= قال أبو جعفر:”الأعفر”:
الأبيض

وَقَالَ أَبُو حَاتِم _ كما في المراسيل
_ أَبُو وَائِل أدْرك عليا غير ان حبيب بن أبي ثَابت روى عَن أبي وَائِل عَن أبي الْهياج
عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه (لَا تدع قبرا
مشرفا الا سويته)

فاستدل على عدم سماعه بروايته عنه بواسطة
وهذه هي الحال هنا ؟

فإن قيل : أن عبد الله بن أحمد روى في
زوائد المسند 557- حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : قُلْتُ
لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : كَيْفَ بَايَعْتُمْ عُثْمَانَ وَتَرَكْتُمْ عَلِيًّا
، قَالَ : مَا ذَنْبِي قَدْ بَدَأْتُ بِعَلِيٍّ فَقُلْتُ : أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ
اللهِ ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، وَسِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، قَالَ : فَقَالَ
: فِيمَا اسْتَطَعْتُ قَالَ : ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَى عُثْمَانَ فَقَبِلَهَا.

وهنا تصريح بسماع أبي وائل من عبد الرحمن

فيقال في هذا الخبر سفيان بن وكيع وهو
ضعيف جداً ، وكذلك أبو بكر بن عياش وفيه ضعف وعاصم كان يدخل عليه حديث أبي وائل بحديث
زر فقد يكون القائل زر وليس أبو وائل

فإن قال قائل : أنت شددت ودخلت في دقائق
العلل في الكلام لهذا الخبر فلم ذاك

فيقال : هذا لأننا نخاطب الروافض الذين
ينكرون المتواترات الثابتة في فضل الصحابة ويتمسكون بهذا مع أن الخبر فيه تزكية لعمر
ونخاطب عدنان الذي ينكر المتواترات أيضاً ويقول في الأحكام لا أقبل إلا الحديث العزيز
وفي الشهادة على صحابة بالنار يقبل هذا الخبر

ثم إن هذا الخبر ليس على ما هم

فإن عبد الرحمن بن عوف ذكر لأم سلمة كثرة
ماله فقالت له تصدق وذكرت هذا الحديث

فلو كان الحديث يعني الكفر فالكفر لا
يدفع بالصدقة ولا بالزكاة الواجبة حتى ، وإنما معنى الخبر والله أعلم أن من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم من لا يبلغ منزلته يوم القيامة فلا يراه أبداً لتفاوت المنزلة وإلا
عبد الرحمن بن عوف ممن هاجر الهجرتين وشهد بدراً والمشاهد كلها وهو مبشر بالجنة فلا
يمكن أن تخاطبه أم سلمة بهذا الخبر وقد فهمت منه الكفر الأكبر

وقال ابن سعد في الطبقات [3262]: أَخْبَرَنَا
عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:

كَانَ رَأْسُ أَبِي فِي حِجْرِي، وَهُوَ
يَقْضِي، قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ أَيْ
بُنَيَّ؟، فَقُلْتُ: لِمَكَانِكَ، وَمَا أَرَى بِكَ.

قَالَ: فَلاَ تَبْكِ عَلَيَّ، فَإِنَّ
اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُنِي أَبَدًا، وَإِنِّي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ اللَّهَ
يَدِينُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَسَنَاتِهِمْ مَا عَمِلُوا لِلَّهِ , قَالَ: وَأَمَّا الْكُفَّارُ
فَيُخَفِّفُ عَنْهُمْ بِحَسَنَاتِهِمْ.

فَإِذَا نَفِدَتْ قَالَ: لِيَطْلُبْ كُلُّ
عَامَلٍ ثَوَابَ عَمَلِهِ مِمَّنْ عَمِلَ لَهُ.

وهذا إسناد قوي ولا فرق بين سعد وعبد
الرحمن بن عوف

قال ابن إسحاق في سيرته [ص222]:

حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن
بن عوف عن أبيه قال:

كنا نسير مع عثمان بن عفان في طريق مكة
إذ رأى عبد الرحمن بن عوف فقال: ما يستطيع أحد أن يعتد على هذا الشيخ فضلاً في الهجرتين
جميعاً , يعني هجرته إلى الحبشة وهجرته إلى المدينة.

فالسياق والسباق واللحاق يدل على أن أم
سلمة لم تفهم من الخبر الموت على الكفر وهي أعلم بمرويها

وأما عنونت فيه للمقال فالحديث يرويه
الأعمش وهم هنا يعتمدون خبره

والأعمش من طريقه روي حديث ( لا تسبوا
أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه )

وهو راوي حديث ( ما نفعني مال أحد ما
نفعني مال أبي بكر )

وعدد من أحاديث تبشير الشيخين بالجنة
وهو راوي قول ابن مسعود لما ولي عثمان ( ولينا خيرنا )

وهو راوي خبر : (يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلَانِ:
مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَمُبْغِضٌ مُفْتَرٍ) عن علي بن أبي طالب

وهو راوي حديث (لاَ يُبْغِضُ الأَنْصَارَ
رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)

وقال الخلال في السنة 669 – أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ،
عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ” لَوْ رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ لَقُلْتُمْ:
هَذَا الْمَهْدِيُّ “

وفي المنتقى من طبقات أبي عروبة الحراني
40 – حدثنا أبو عبد الله الإسماعيلي ، ثنا حسين بن علي بن الأسود ، قال : نا عبد الله
بن نمير ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : « لو رأيتم معاوية قلتم : هذا المهدي »

حسين بن علي بن أسود روى عنه أبو داود
وأحاتم وأبو زرعة وهم أئمة وقته وعدلوه ولا يلتفت إلى كلام ابن عدي فيه فهو خلاف كلام
الحفاظ الذين عاصروه وتتلمذوا عليه

هذا وصل اللهم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم