الأشاعرة وخلق القرآن ( القصة التي يعرفها الجميع ويجهلها العاطفيون )

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال البيجوري : ومذهب أهل السنة (أي الأشاعرة !) أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلــــــــــــــوق.(جوهرة التوحيد ص94) فما هو الكلام النفسي ؟ قال صاحب العقيدة النورية –أثناء ذكر ما وصفوا الله به- : وَالكَلاَمُ المُنَزَّهُ عَنِ الحَرْفِ، وَالصَّوْتِ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ، وَالسُّكُوتِ؛ لاِسْتِلْزَامِ جَمِيعِ ذَلِكَ الحُدُوثَ. وَيَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ مَعْلُومَاتِهِ. ( منزه عن الحرف والصوت والتقديم والتأخير ) لأن كل ذلك يستلزم الحدوث فالقرآن الذي بين أيدينا والذي نقرؤه ليس هو كلام الله غير المخلوق والله لم يتكلم به لأن إثبات أن ما بين دفتي المصحف تكلم الله به يستلزم إثبات الصفات الفعلية ( حلول الحوادث ) لأن الكلام الذي نراه حروف متعاقبة وهذا من أمارات الحدوث عندهم ، ثم تأمل تعريف الكلام عندهم وقل لي ما الفرق بينه وبين صفة العلم إنما أولوا الكلام بالعلم كما أول المعتزلة السمع والبصر بالعلم وهذا أمر يعلمه جميع الناس أن حقيقة قول القوم وأن قولهم هو عين الجهمية في أهم نقاطه وأن الخلاف يكاد يكون لفظياً يقول البوطي في كتابه ((كبرى اليقينات الكونية)) ص 126 في حديثه عن صفة الكلام قال: اذا تأملت فيما ذكرناه أدركت النقطة الخلافية بين المعتزلة وأهل السنة والجماعة- ويعني بأهل السنة والجماعة-الأشاعرة,وهي أن هناك معنى الألفاظ القرأن يتكون فيه الأمر والنهي والأخبار المتوجه الى الناس,وهو قديم.فما اسم هذا المعنى؟ المعتزلة:اسمه العلم اذاا كان أخبارآ,والارادة اذا كان أمرآ ونهيآ. والجمهور: اسمه الكلام النفسي,وهو صفة زائدة على كل من العلم والارادة قائم بذاته تعالى.وأما الكلام الذي هو اللفظ,فاتفقوا على أنه مخلوق,وعلى أنه غير قائم بذاته سبحانه قال المعلمي في التنكيل : فليس لله تعالى على تحقيق الكوثري وأضرابه- بيننا كلام يتلى أو يكتب، ولا ثَمَّ إلا صوت القارىء، ومداد الكاتب، أما كلام الله تعالى الذي أنزله على نبيه وقرأه النبي على أصحابه وتلقاه الناس عن الصحابة، فلا وجود له بيننا، والذي يعترف به ورثة الجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، وبشر المريسي: أن الموجود عندنا من كلام الله عبارة أو حكاية أو ترجمة لكلام الله فقط لا أكثر ولا أقل، والقرآن من أوله إلى آخره أصوات القارئين ومداد الكاتبين وليس كلام الله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا. فعلق الألباني بقوله : ولذلك يؤكد الكوثري أن الخلاف بين أهل السنة القائلين بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وبين المعتزلة وأمثالهم القائلين بأنه مخلوق، إنما هو خلاف لفظيّ! ويتابعه في هذا تلميذه (أبو غدة) في رسالة “مسألة خلق القرآن” وهذا منهما كالتصريح بان القرآن ليس كلام الله تعالى. ومن شاء التفصيل فليراجع: مختصر لوامع الأنوار البهية ولهذا وصفهم ابن قدامة أنهم يمارسون التقية ويظهرون للمسلمين اعتقاد أن ما بين دفتي المصحف كلام الله وقال ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل نقلا عن الكرجي :” كان الشيخ أبو حامد أحمد ابن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة، الذي طبق الأرض علماً وأصحاباً إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور، يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع، ويقبل على من حضر، ويقول: اشهدوا علي بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، كما قاله الإمام ابن حنبل، لا كما يقوله الباقلاني” وقال ابن تيمية في النبوات معلقاً على مناظرة الشافعي لحفص الفرد وتكفيره له :” فمن الناس من يظن أنّهم إنّما أنكروا كلام القدرية فقط؛ كما ذكره البيهقي وابن عساكر في تفسير كلام الشافعيّ، ونحوه؛ ليُخرجوا أصحابهم ( يعني الأشاعرة ) عن الذمّ، وليس كذلك؛ بل الشافعي أنكر كلام الجهمية؛ كلام حفص الفرد، وأمثاله، وهؤلاء كانت منازعتهم في الصفات، والقرآن، والرؤية” وقال الذهبي في تاريخ الإسلام :” أنا أتعجَّب من الحافظ أبي القاسم _ يعني ابن عساكر _ كيف لم يَسُقِ المحنة ولا شيئًا منها في تاريخ دمشق مع فرط استقصائه، ومع صحّة أسانيدها، ولعلّ له نيّة في تَرْكها_ يعني لأنه أشعري ويضيق ذرعاً بكلام الإمام_ ” فعجيب ممن يدعي الحنبلية أو التحقيق ويكابر هذه الحقيقة وأن ما قاله السلف فيمن يقول بخلق القرآن ينطبق على القوم وأنهم الامتداد الطبيعي للذين جلدوا الإمام ولهذا لم يفرق أئمة المذهب بينهم وبين الجهمية وإنما وقع النزاع هل يفرق بين الداعية وغير الداعية أم يكون الأمر على قيام الحجة أم يشمل الحكم دون الافتقار لمثل هذا مع الاتفاق على أن البدعة مكفرة ينطبق عليها كلام السلف وقد صرح الطوفي أن الحراني الذي ناظر ابن قدامة لم يكن يفرق بين الأشعرية والمعتزلة وهذا صنيع ابن قدامة أيضاً غير أن خص أهل العناد منهم وفي مناظرته على القرآن حكم عليهم بكلام غليظ شأنه شأن ابن حزم الذي وسع في الاعتذار للمعتزلة وأغلظ للأشعرية