اعمل لله ثم لا تشاهد العمل شاهد كرم الله عز وجل

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

اعمل لله ثم لا تشاهد العمل شاهد كرم الله عز وجل

قال الإمام مسلم في صحيحه: “7246- [11-2831] حدثني عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد، حدثنا معن، حدثنا مالك (ح) وحدثني هارون بن سعيد الأيلي، واللفظ له، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني مالك بن أنس، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله ﷺ قال: إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضُل ما بينهم قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: بلى، والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين”.

وخرجه البخاري أيضاً.

أقول: هذا من أجلِّ الأحاديث في فضل الاعتقاد الصحيح وفضل مشاهدة كرم الله عز وجل.

النبي ﷺ يحدِّث الصحابة الكرام عن منازل أهل الجنة، فحدَّث عن أقوام يتراءاهم بقية أهل الجنة كما يتراءى الناس في الدنيا الكواكب من علوِّ منزلتهم في الجنة.

فقال الصحابة إن هؤلاء الأنبياء فحسب.

هذا ما وقع في نفوسهم، فأخبرهم بأنها لأقوام آمنوا بالله وصدَّقوا المرسلين (يعني ليسوا أنبياء ولا مرسلين).

فلا شك أن هذا فضل الله -عز وجل- الواسع الجم حتى يبلغ رجل ليس نبياً ولا مرسلاً هذه المنزلة العظيمة.

وهذا مغفول عنه عند كثير من الناس، إذ يشاهدون عملهم فحسب وينسون فضل الله -عز وجل- وهو أعظم من العمل بشرط وجود العمل.

والعجيب أن النبي الكريم ﷺ وصفهم بأنهم «آمنوا بالله وصدَّقوا المرسلين».

أليس عموم أهل الإيمان آمنوا بالله وصدَّقوا المرسلين؟

فيقال: أهل الإيمان متفاوتون في هذه المنزلة، وأولاهم بهذا الوصف هم أهل الاعتقاد الصحيح الذين آمنوا بالغيب تفصيلياً، درسوه تفصيلياً وعلَّموه للناس تفصيلياً وذبُّوا عنه وظهر أثرهم عليهم.

وأولى الناس بهذا أهل الحديث في هذه الأمة.