فقد اتفق أهل العلم على مشروعية التقاط اللقطة للتعريف ، إن لم تكن من
الحيوان الذي يحمي نفسه ، وكانت ذات قيمة
واتفقوا أيضاً على مشروعية الإشهاد على اللقطة
قال أبو داود في سننه 1709 : حدثنا مسدد ثنا خالد يعني الطحان ح وثنا موسى
بن إسماعيل ثنا وهيب [ – يعني ابن خالد – ] المعنى عن خالد الحذاء عن أبي العلاء عن
مطرف يعني ابن عبد الله عن عياض بن حمار قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” من وجد لقطة فليشهد ذا عدل
أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب فإن وجد صاحبها فليردها عليه وإلا فهو مال الله [ عز
وجل ] يؤتيه من يشاء “
ويتعلق بالإشهاد مسألتان
المسألة الأولى : هل الإشهاد واجب ؟
العامة من أهل العلم على استحبابه
قال ابن قدامة في المغني (6/84) :” وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا
لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا ضَمِنَهَا؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً، فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ، أَوْ ذَوِي عَدْلٍ»
. وَهَذَا أَمْرٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْهِدْ كَانَ الظَّاهِرُ
أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ. وَلَنَا خَبَرُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَأُبَيُّ بْنِ
كَعْبٍ، فَإِنَّهُ أَمَرَهُمَا بِالتَّعْرِيفِ دُونَ الْإِشْهَادِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ
الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ
– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سِيَّمَا وَقَدْ سُئِلَ عَنْ حُكْمِ اللُّقَطَةِ
فَلَمْ يَكُنْ لِيُخِلَّ بِذَكَرِ الْوَاجِبِ فِيهَا، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْأَمْرِ
فِي حَدِيثِ عِيَاضٍ عَلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَلِأَنَّهُ أَخْذُ أَمَانَةٍ،
فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الْإِشْهَادِ، كَالْوَدِيعَةِ
“
وهذا كلام قوي
المسألة الثانية : ولها تعلق بالأولى وهي إذا تلفت العين الملتقطة عنده
، ولم يفرط هل يضمنها ( بمعنى أنه يرجع قيمتها أو مثلها لصاحبها ) ؟
فذهب بعض الفقهاء إلى أنه يضمن إذا لم يشهد
قال ابن عبد البر في الاستذكار رداً على هذا القول (7/251) :” من
حجة مالك والشافعي وابي يوسف ومحمد اجماع العلماء بان المغصوبات لو اشهد الغاصب على
نفسه انه غصبها لم يدخلها اشهاده ذلك في حكم الامانات فكذلك ترك الاشهاد على الامانات
لا يدخلها في حكم المضمونات
وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في اللقطة ( ان جاء صاحبها والا
فلتكن وديعة عندك ) في حديث سليمان بن بلال وغيره على ما ذكرناه في ( التمهيد )
ولا خلاف ان الملتقط امين لا ضمان عليه الا بما تضمن به الامانات من التعدي
والتضييع والاستهلاك “
وعليه يكون الإشهاد مستحباً ، ولا أثر له في ضمان تلف اللقطة ، وإنما الأثر
في التفريط وعدمه ، لأن الملتقط أمين .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم