إنما يستجاب لك لتزداد طمعا
رأيت منشورا تفاعليا يطلب كاتبه من متابعيه أن يذكروا أحوالهم مع الدعاء يوم عرفة، فكتب كثيرون عن أمور دعوا بها يوم عرفة وتحققت في نفس العام.
فقلت في نفسي: وماذا عمن دعا لنفسه بالمغفرة والجنة؟
في الحقيقة الاستجابة لك في أمور دنيوية ينبغي أن يجعلك طامعا في فضل الآخرة الذي لا تساوي الدنيا عنده شيئا.
فمن أعطاك ذاك الخير الدنيوي بكمال الرغبة والرهبة وقد ضاقت أمامك السبل هو يعطيك المغفرة والجنة ولا يبالي سبحانه.
وكما أنك إذا دعوت بالأمر الدنيوي لا تكف عن بذل الأسباب، فكذلك إذا دعوت بالمغفرة والجنة لا تكف عن بذل الأسباب من العمل الصالح، بل توفيقك له قد يكون من علامات استجابة دعاءك.
وقد كان السلف يولون للدعاء يوم عرفة أهمية كبيرة، حتى روى عبد الرزاق عن عطاء أنه كان يقول أن من ترك الصيام ليتقوى على الدعاء فله مثل أجر الصائم.
وأحسب أننا اليوم مع التكييف ووسائل الراحة قادرون على جمع فضل الصيام والدعاء على أكمل وجه.
يوم عرفة يوم يدنو به الله عز وجل من خلقه، وهل يجرؤ أحد في هذا المقام أن يستغيث بالأولياء؟ أم أن نفسه تحدثه أن ذلك وقاحة وقبح.
كذا الأمر في كل وقت لو كان يعقل.
وفي حديث الترمذي: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».
وقال ابن أبي شيبة في المصنف: “١٥٨٢٢-حدثنا محمد ابن فضيل عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن (شتر) قال: قلت لابن الحنفية ما أفضل ما نقول في حجنا؟ قال: لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر”.
أورده ابن أبي شيبة في باب الذكر يوم عرفة مع آثار أخرى عن السلف في الدعاء
وذِكر (لا إله إلا الله) و (الله أكبر)، وإن لم يكن دعاءً إلا أنه حفظٌ لرأس المال الذي لا يُثمِر الدعاء إلا معه فـ(لا إله إلا الله) فيه توحيد القصد والطلب فلا يعبد إلا الله و(الله أكبر) فيه توحيد المعرفة والإثبات من إثبات صفات الكمال لله عز وجل، وإذا سلم لك توحيدك أثمر عملك الصالح ودعاؤك، وكل خير تدعو به في الدنيا عند الله في الجنة ما هو خير منه، وذلك بابه الإيمان والعمل الصالح.