فعقيدة أهل السنة والجماعة أن الملائكة مخلوقات
نورانية لا يعصون الله ما أمرهم ، وأن الجن مخلوقات نارية مكلفة كالإنس
وقد أنكر ذلك بعض الملاحدة فجعلوا الملائكة صفة لوارد الخير الذي يرد على
النفس والشيطان اسم لوارد الشر الذي يرد على النفس
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (1/ 243) :” وهذا موجود فى
كلام كثير من الملاحدة المتفلسفة والإسماعيلية ومن ضاهاهم من ملاحدة المتكلمة والمتصوفة
مثل من وضع المحدث و المخلوق و المصنوع على ما هو معلول وإن كان عنده قديما أزليا ويسمى
ذلك الحدوث الذاتى ثم يقول نحن نقول إن العالم محدث وهو مراده ومعلوم أن لفظ المحدث
بهذا الإعتبار ليس لغة أحد من الأمم وإنما المحدث عندهم ما كان بعد أن لم يكن وكذلك
يضعون لفظ الملائكة على ما يثبتونه من العقول والنفوس وقوى النفس ولفظ الجن و الشياطين
على بعض قوى النفس ثم يقولون نحن نثبت ما أخبرت به الأنبياء وأقر به جمهور الناس من
الملائكة والجن والشياطين ومن عرف مراد الأنبياء ومرادهم علم بالإضطرار أن هذا ليس
هو ذاك”
وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام عن الفلاسفة والباطنية قال به حجة إسلام الجهمية
والقبورية أبو حامد الغزالي
قال الغزالي في إحياء علوم الدين (3/27) :” فإن النية والعزم والإرادة
إنما تكون بعد خطور المنوى بالبال لا محالة فمبدأ الأفعال الخواطر ثم الخاطر يحرك الرغبة
والرغبة تحرك العزم والعزم يحرك النية والنية تحرك الأعضاء والخواطر المحركة للرغبة
تنقسم إلى ما يدعو إلى الشر أعني إلى ما يضر في العاقبة وإلى ما يدعو إلى الخير أعني
إلى ما ينفع في الدار الآخرة فهما خاطران مختلفان فافتقرا إلى اسمين مختلفين فالخاطر
المحمود يسمى إلهاما والخاطر المذموم أعني الداعي إلى الشر يسمى وسواسا ثم إنك تعلم
أن هذه الخواطر حادثة ثم إن كل حادث فلا بد له من محدث ومهما اختلفت الحوادث دل ذلك
على اختلاف الأسباب هذا ما عرف من سنة الله تعالى في ترتيب المسببات على الأسباب
فمهما استنارت حيطان البيت بنور النار وأظلم سقفه واسود بالدخان علمت أن
سبب السواد غير سبب الأستنارة
وكذلك لأنوار القلب وظلمته سببان مختلفان فسبب الخاطر الداعي إلى الخير
يسمى ملكا وسبب الخاطر الداعي إلى الشر يسمى شيطانا واللطف الذي يتهيأ به القلب لقبول
إلهام الخير يسمى توفيقا”
فاسأل الله العافية , هذا الرجل معدود في العلماء وما ترك بلاء إلا وقال
فيه والله المستعان .
وقد كان رشيد رضا ينافح عنه ، وكذلك ينافح عنه محمد الحسن ولد الددو
ويقول الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمهم الله في مصباح الظلام
( 43/1 ):” وصنَّف أبو حامد الغزالي كتابه المعروف وسماه: “إحياء علوم الدين”،
وقد أمات به من أصول الدين ودعائمه ما يعرفه من عرفه …”
وقال أيضا رحمه الله في الرسائل والمسائل النجدية (165/1) :” فقد
بلغني عنك ما يشغل كل من له حمية إسلامية،وغيرة دينية على الملة الحنيفية، وذلك أنك
اشتغلت بالقراءة في كتاب الإحياء للغزالي، وجمعت عليه من لديك من الضعفاء والعامة الذين
لا تمييز لهم بين مسائل الهداية والسعادة ووسائل الكفر والشقاوة، وأسمعتهم ما في الإحياء
من التحريفات الجائرة، والتأويلات الضالة الخاسرة، والشقاشق التي اشتملت على الداء
الدفين، والفلسفة في أصل الدين.
وقد أمر الله -تعالى- وأوجب على عباده أن يتبعوا الرسول، وأن يلتزموا سبيل
المؤمنين، وحرم اتخاذ الولائج من دون الله ورسوله، ومن دون عباده المؤمنين، وهذا الأصل
المحكم لا قوام للإسلام إلا به.
وقد سلك في الإحياء طريق الفلاسفة والمتكلمين في كثير من مباحث الإلهيات
وأصول الدين.
وكسا الفلسفة لحاء الشريعة؛ حتى ظنها الأغمار والجهال بالحقائق من دين
الله الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، ودخل به الناس في الإسلام، وهي في الحقيقة
محض فلسفة منتنة.
يعرفها أولو الأبصار، ويمجها من سلك سبيل أهل العلم كافة في القرى والأمصار.
قد حذر أهل العلم والبصيرة عن النظر فيها، ومطالعة خافيها وباديها.
بل أفتى بتحريقها علماء المغرب ممن عرف بالسنة، وسماها كثير منهم إماتة
علوم الدين.
وقام ابن عقيل أعظم قيام في الذم والتشنيع، وزيف ما فيه من التمويه والترقيع،
وجزم بأن كثيرا من مباحثه زندقة خالصة
لا يقبل لصاحبها صرف ولا عدل
…”
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم