إذا صليت العيد في المسجد فصلها أربعاً !

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:


فقال البيهقي في السنن الكبرى (3/310) (باب
الامام يأمر من يصلي بضعفة الناس العيد في المسجد) :”

روي ذلك عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه (اخبرناه) عمر بن عبد العزيز
بن عمر بن قتادة انبأ أبو الحسن بن الحسن ابن الحسين بن منصور ثنا محمد بن يحيى بن
سليمان ثنا عاصم بن علي ثنا شعبة عن محمد بن النعمان قال سمعت ابا قيس يحدث عن هزيل
ان عليا امر رجلا ان يصلي بضعفة الناس في المسجد يوم فطر أو يوم اضحى وامره ان يصلي
اربعاً “

قلت : في سنده علي بن عاصم وفيه كلام ولكنه توبع من قبل مسلم بن إبراهيم

قال ابن المنذر في الأوسط 2086 : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : ثنا
مسلم بن إبراهيم ، قال : ثنا شعبة ، عن محمد بن النعمان ، عن أبي قيس ، عن أبي الهذيل
، أن عليا ، أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس في المسجد يوم العيد أربع ركعات

قلت : وإسناده قوي فإن أبا قيس فيه كلام لا ينزل به عن درجة الإحتجاج وقوله
( أبو الهذيل ) يبدو أنه غلط طباعي والصواب ( هزيل ) وهو ابن شرحبيل

ولهذا الأثر عن علي متابعات

قال ابن أبي شيبة في مصنفه 5814 : قال حدثنا بن إدريس عن ليث عن الحكم
عن حنش قال قيل لعلي بن ابي طالب :”ان ضعفة من ضعفة الناس لا يستطيعون الخروج
إلى الجبانة فأمر رجلا يصلي بالناس اربع ركعات ركعتين للعيد وركعتين لمكان خروجهم إلى
الجبانة “

وقد اختلفوا في معنى هذا الأثر

فذهب البيهقي إلى أنه عنى تحية المسجد وصلاة العيد

وهذا التأويل ضعيف فإن عددا من الروايات فيها ( يصلي بالناس أربعاً ) وتحية
المسجد لا تصلى جماعة بإمام

وقال بعضهم أنه صلى بهم أربعاً ركعتين السنة وركعتين لأنهم لم يخرجوا إلى
الصحراء وهذا التعليل ورد في بعض روايات الخبر كما في رواية حنش المتقدمة وقد ورد في
بعض روايات الأثر أنهم صلوها كصلاة الظهر مما يبطل التأويل الأول

قال ابن أبي شيبة في مصنفه 5816 : حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس قال
أظنه عن هذيل :” أن عليا أمر رجلا يصلي بضعفة الناس يوم العيد اربعا كصلاة الهجير

أقول : وهذا إسنادٌ قوي

وقد اختار شيخ الإسلام هذا التفسير للأثر ورجح هذا المذهب

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (24/102) :” قد ثبت عن علي
أنه استخلف من صلى بالناس فى المسجد أربعا ركعتين للسنة وركعتين لكونهم لم يخرجوا إلى
الصحراء”

وقال أيضاً كما في الفتاوى (24/ 208_ 209) :” فلما تولى علي بن أبى
طالب وصار بالكوفة وكان الخلق بها كثيرا قالوا يا أمير المؤمنين ان بالمدينة شيوخا
وضعفاء يشق عليهم الخروج إلى الصحراء فاستخلف علي بن أبى طالب رجلا يصلي بالناس العيد
فى المسجد وهو يصلى بالناس خارج الصحراء ولم يكن هذا يفعل قبل ذلك وعلي من الخلفاء
الراشدين وقد قال النبى عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فمن تمسك بسنة الخلفاء
الراشدين فقد أطاع الله ورسوله “

أقول : فهذا مذهب علي بن أبي طالب واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فإن لم
تأخذ به فلا أقل من أن تعتبره

ثم رأيت تعليقاً في تويتر لأحد الأخوة  يزعم فيه أن أئمة السلف تتابعوا على ترك هذا الفعل

والحق أنه لا تتابع فقد أفتى بهذا الأثر الإمام أحمد

قال إسحاق الكوسج في مسائله عن أحمد [2889-] قلت لأحمد: إذا صلى بالضعفة
في المسجد كيف يصلي بهم؟

قال: ركعتين أرجو أن لا يكون به بأس إذا خطب.

قلت: ويخطب بهم؟

قال: نعم، وإن لم يخطب صلّى أربعا.

وعلق المحقق بقوله :” السنة في صلاة العيدين: أن تصلّى في الصحراء،
ولا يصلّيها في المسجد، وإذا خرج الإمام إلى مصلّى العيد استحبّ له أن يخلف من يصلّي
بضعفة الناس في المسجد، كما فعل علي رضي الله عنه.

وللإمام أحمد في عدد الركعات التي يصليها بالضعفة ثلاث روايات:

إحداها: أنه يصلي بهم ركعتين.

والثانية: يصلي بهم أربعاً.

والثالثة: ركعتين إن خطب، وإن لم يخطب فأربع.

والسبب في اختلاف الروايات اختلاف الرواية في صفة صلاة علي وأبي مسعود
البدري رضي الله عنهما.

[] انظر: المغني: 2/372-373، والإنصاف: 2/427، والكافي:
1/231-232″

فإذا كانت رواية عن الإمام أحمد أحد الأئمة المتبوعين فلا وجه لتلك الدعوى
الكبيرة أن السلف تركوا العمل بهذا الأثر

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم