إثبات صحة حديث أبي قتادة في صيام يوم عرفة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن عجلة بعض المعاصرين مثيرة للغيظ فمن ذلك تضعيف بعضهم لخبر فضيلة صيام يوم عرفة ونشر ذلك بين الناس بجهل وحمق.

قال الإمام مسلم في صحيحه 2716- [196-1162] وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ ، قَالَ يَحْيَى : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ غَيْلاَنَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ : رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : كَيْفَ تَصُومُ ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، غَضَبَهُ ، قَالَ : رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ ، فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلاَمَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ : لاَ صَامَ وَلاَ أَفْطَرَ ، أَوْ قَالَ ، لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ قَالَ : كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا ؟ قَالَ : وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ ؟ قَالَ : كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا ؟ قَالَ: ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَم قَالَ : كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ ؟ قَالَ : وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ثَلاَثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ.

وغاية شغبهم على الخبر أن البخاري توقف في سماع عبد الله بن معبد من أبي قتادة والحديث رواه من أئمة الدنيا شعبة وحماد بن زيد وهذان لا يرويان المنكر ولكن دعنا من هذا.

جاء في مسائل الكوسج 710 – قُلْتُ : صيامُ يوم عرفة ، ويوم عاشوراء ورجب ؟ قَالَ : أمَّا عاشوراء وعرفة ، أعجبُ إليَّ أنْ أصومَهُمَا لفَضيلتهما في حديثِ أبي قتادة ، وأمَّا رجب فأَحَبُّ إليَّ أَنْ أفطرَ مِنْهُ . قَالَ إِسحاقُ: كمَا قَالَ سواءٌ.

فهذان أحمد وإسحاق وهما شيخا البخاري نفسه يحتجان بحديث أبي قتادة واحتجاجهما تصحيح للسماع وجزمهما أولى من شك البخاري وقال ابن أبي شيبة في المصنف 9809- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي قَيْسٍ ، عَنْ هُزَيْلٍ ، عَنْ مَسْرُوق ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : مَا مِنَ السَّنَةِ يَوْمٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ أَصُومَهُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ.

فهنا عائشة فضلته على كل أيام السنة حتى عاشوراء ولا شك أن هذا يعضد معنى حديث أبي قتادة بل لا يستقيم إلا إذا صح حديث أبي قتادة وقد جمع خالد الردادي في الرد على هؤلاء وأطال وإنما ذكرت ما فاته.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.