أما إنهم نسوا معنى {الحمد لله رب العالمين}
من الأمور السيارة في خطاب أدعياء التنوير وتأثرَ بهم كثيرون أنهم يقولون: (الكافر صنع لك كذا وكذا وكذا)، ويريدون كسر المرء نفسياً إذا أنكر عليهم كفرهم أو فواحشهم.
مع أنه إن انتفع بصناعة الصيني أو الهندي فإنه ينتقد عليه أموراً موافِقةً للثقافة الغربية، فهذه الكلمة لا يقولها إلا في شأن الغربيين في إنكار كفرهم دون الإضرار بالآخرين.
ومع أن كل هذا يأخذ الكافر ثمنه، غير أن طارح هذا يغفل عن قول المسلمين في صلاتهم: {الحمد لله رب العالمين}.
فمهما كانت منة الإنسان على إنسان آخر؛ فنعمة الله ومنّته أعظم فهو من وهبه الحياة؛ والسمع؛ والبصر؛ والعقل، ومصيرنا بين يدي الله عز وجل، ونعمه الظاهرة والباطنة لا تحصى، بل هو من سخر لك كل شيء وسخر لك صنيعة الكافر.
وقد كان الكفار قديماً يمنعهم من الإيمان مشاهدة منة آبائهم عليهم ويقولون: {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون}، فكان من حكمة الله أن يقرأ المسلمون أول ما يقرؤون من القرآن في الفاتحة في كل صلاة: {الحمد لله رب العالمين} ليتذكر كل امرئ نعمة الله عليه، وأنه لا مشاهدةَ لمنّةِ ملك أو والد أو غيرهم مع نعمته سبحانه.
بل إنَّ أمر الكفار والفساق ونهيهم من الإحسان إليهم، فإن شعرنا بالامتنان نحوهم فلا أفضل من أن ندعوهم للنجاة في الآخرة.