قال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (5/ 284) :
” ومتى تركوا
الاعتصام بالكتاب والسنة فلابد أن يختلفوا فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من
السماء كما قال تعالى { كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب
بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم
البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي
من يشاء إلى صراط مستقيم }
وكما قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن
تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير
وأحسن تأويلا }
وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين
قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها }”
أقول : فلا وحدة إلا بتعلم الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ، إذ أن الأمة
لا تجتمع على ضلالة والبدعة ضلالة فلا اجتماع إلا بزوال البدع
فما يدندن حوله الحزبيون من اجتماع الأمة ونسيان الخلافات وهو في الحقيقة
ترك للولاء والبراء على الاعتقاد الصحيح ، إنما هو محض خرافة إذ لا اجتماع إلا بالاعتصام
بالكتاب والسنة .
ومن ابتغى الاجتماع في غير ذلك
جوزي بعكس مقصوده فصارت بدعته سبباً للفرقة والعداوة والبغضاء
قال الله تعالى : ( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا
مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ)
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم