أخلاقية القتال الإسلامي

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

تخيل أنني رجل وثني أعبد الأصنام وينتشر في مجتمعي الخمر والميسر والحروب القبلية العصبية ووأد البنات والربا ونقر الدعارة في صاحبات الرايات وما ثمة زكاة للفقراء والمساكين وغيرها من البلايا

وأنت رجل موحد تخالف كل هذا وتدعو لعكسه ودعوت لذلك فآذيتك حتى اضطررتك للهجرة وتركت جزءا كبيرا من مالك في بلدي أنتفع به فقمت وهددت القوم الذين آووك بالحرب عليهم إن أعانوك في دعوتك والمطالبة بحقك

فهنا أنت جردت سيفك وأنا جردت سيفي فكنت أنا اذا انتصرت عليك سبيت نساءك وَذُرِّيَّتِك وأدخلتهم في منظومتي الثقافية وما راعيت لهم أي حرمة فَلَو شئت أن آخذ الولد لنفسي وأترك المرأة تعمل بالبغاء فعلت

وأنت لو انتصرت علي لسبيت أهلي وولدي ولكنك التزمت ألا تقع على امرأة تعبد الأصنام حتى تسلم والتزمت استبراءها من الحيض حتى لا تختلط الأنساب والتزمت الطعام والشراب والمسكن في حقها وألا تجبر على البغاء وألا يضرب وجهها وأن تعف بزواج أو وطء سيد وألا يفرق بينها وبين ولدها هذا مع انتصارك لمنظومتك الأخلاقية وسعيك في إدخالهم فيها ومقدرتهم على التحرر من الرق من خلال عدة منظومات تشريعية ولكن بعد أن يدخلوا فيما يقربهم جدا من دينك ومنظومته الأخلاقية

ولو أسلمت قبل أن تقدروا علي بقتل أو أسر فإن ذلك يعفيني من كل جرائمي السابقة في حقك وحق أصحابك ولو قتلت منهم ألفا

ولو أسلمت المرأة قبل أن تقدروا عليها فهي حرة تعدونها أختا مهاجرة ولو كان قومها سبوا ألف مسلمة وهي مقرة ومنتفعة بخدمة السبايا المسلمات لها

تخيل أن يأتي شخص بعد ألف سنة وينساني تماما ثم يشكك في أخلاقية قتالك وما تبعه

والعجيب أن هذا الشخص في الغالب يُؤْمِن بتطور الأخلاق وأن المجتمع هو من يحددها ويؤمن بالبقاء للأقوى وينفي الإرادة الحرة ويثني على تقدم قوم هم في الحروب إما يقتلون النساء أو يغتصبونهن ويتركونهن بدون أي إعانة بعدها أو التزام تجاههن بل ويكفر بالغائية من الخلق ويكفر بالآخرة التي يقتص فيها من الظلمة كل ذلك من صدمته من وحشيتك !

هذا الذي يحصل اليوم وقد مثلت بأهل الأوثان لأن غالب حروب النبي صلى الله عليه وسلم معهم وما كان أهل الكتاب الروم ولا المجوس بأهل حال حسن فكانوا إمبراطوريات قهرية ويكلفون الأمم المقهورة الجزية العظيمة ويربون عليهم ولا يراعون الفقراء ويقرون صور الانحلال والبلاء وكلهم يقر الرق والسبي بدون الضوابط الإسلامية

وهذا وأنا لم أتكلم عن التوحيد والعلاقة بالله وهو فوق ما ذكر من المصالح كلها