أبو القاسم الخوئي يُثبت براءة الزهري من افتراء الإمامية عليه

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

أبو القاسم الخوئي يُثبت براءة الزهري من افتراء الإمامية عليه.

«عن ابن شهاب الزهري: قال لي خالد القسري: اكتب لي السيرة.

فقلت له: فإنه يمرُّ بي الشيء من سير علي بن أبي طالب، فأذكره؟

فقال: لا، إلا أن تراه في قعر الجحيم!»

رواه الأصفهاني في الأغاني

هذه الرواية منتشرة جدًّا في كتب الشيعة الإمامية ومقالاتهم ومحاضراتهم، يستدلون بها على دور ولاة الأمويين في إخفاء مناقب علي بن أبي طالب، علمًا أن الكوفة كانت تعجُّ بأنصار علي، ورواياتهم تملأ الكتب، وَيَا ليت شعري لو فعل الأمويون ما فعلوا أكُنَّا سنجد كل تلك الفضائل مرويَّةً في حق علي بن أبي طالب وزوجته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنيه رضي الله عنهما!

ومع كوْن هذه الرواية فيها نكارة إسنادية (إذ يُصرِّح فيها المدائني بالسماع من الزهري ولَم يدركه)، غير أنها كذب حتى على مباني الشيعة الإمامية.

فالرواية انفرد بها أبو الفرج الأصفهاني صاحب الأغاني.

قال ابنُ الجوزي في المنتظم:

«كان يَتَشَيَّعُ، وَمِثْلُهُ لا يُوثَقُ بروايته، يُصرِّح في كُتُبِهِ بمـا يُوجِبُ عليه الْفِسْقَ، ويُهوِّنُ شُرْبَ الخمر، وربَّما حَكَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، ومَنْ تأمَّلَ كتابَ الأغاني رأى كُلَّ قبيحٍ ومُنْكَرٍ».

قال الخطيب البغدادي في تاريخه:

«قال أبو محمد الحسن بن الحسين النوبختي: كان أبو الفرج الأصفهاني أَكْذَبَ الناس، كان يدخل سوق الوَرَّاقِينَ وهي عامرة والدكاكين مملوءة بالكتب فيشتري شيئًا كثيرًا من الصحف ويحملها إلى بيته، ثم تكون رواياتُه كُلها منها».

قال الذَّهَبِيُّ في تاريخ الإسلام:

«قلتُ: رأيتُ شيخنا ابنَ تيمية يُضَعِّفُهُ ويتّهمه في نقله ويستهول ما يأتي به».

أقول: ما قاله ابن تيمية في أبي الفرج الأصفهاني سيأتي أن هناك باحثين شيعة أكَّدوه، وعمومًا أبو القاسم الخوئي شيخ القوم في علم الرجال طعَن في الأصفهاني.

فقال في كتابه معجم رجال الحديث (١٠/ ٢٣٧): «الطريق ضعيف بأبي الفرج وعلي بن العباس المقانعي».

أقول: وهو يقصد بأبي الفرج هنا الأصفهاني، وفِي كتبهم أنه زيدي (ويبدو أنه جارودي).

وفي دراسة منشورة في بعض المجلات بعنوان «دراسة نقدية في حياة أبي الفرج الأصفهاني وكتابه الأغاني» لباحثَيْن شيعيَّيْن من إيران، وهما حسن دادخواه ومحمد حسن زادة، نَجِد قولَهما: «والأصفهاني لم يكتفِ بطعن أهل البيت عليهم السلام، بل بشتم دين الإسلام، ويُفضِّل الجاهلية عليه، ويعتبرها خيرًا من دين الإسلام (المصدر نفسه (١٣/٢٦٤)، وهو يستهزئ بالصلاة (المصدر نفسه (٤/٢٧٧)، ورغم هذا كله يدَّعي أنه من المتشيعين».

وقد أشاروا إلى طعوناته في سكينة بنت الحسين وأنه نسَب إليها أنها دعت مغنيًا للغناء وحلفت عليه بالبراءة من جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الروايات لا يُمكن تحميلها لغير الأصفهاني لأنها لا توجد إلا في كتبه.

والشيعة متَّفقون على إنكار هذه الأخبار واستعظامها أشد الاستعظام، فما بالهم يصدِّقونه على الزهري!

وقد صحَّ عن علي بن أبي طالب أنه قال: «المشيع بالفاحشة وفاعلها سواء».

ولا أعلم كتابًا جمَع مِن ذكر الفواحش ما جمع كتاب الأغاني بقصص غالبها ينفرد بها هو، وهذا كافٍ لإسقاط عدالته تمامًا، وقد كتب محمد الأمين بو خبزة التطواني مقالًا عن كتاب الأغاني، ذكر فيه هذا المعنى. وعمومًا مما يُستغرب جدًّا من بعض المشتغلين بالعلم حديثُهم على جهة الثناء بين العامة عن هذا الكتاب الذي تضايق من مضامينه حتى الروافض!