أئمة السلف وقاعدة خلافنا في في غيرنا لا يكون خلافاً بيننا

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذا جمع لما تيسر من آثار السلف التي تدل على أنهم يثربون على من يجالس
أهل البدع أو يثني عليهم وفي ذلك إبطال لقاعدة (خلافنا في غيرنا لا يكون خلافاً بيننا).

(1) قال عبد الله بن أحمد في السنة
327 : حدثني أبو الفضل الخراساني ، نا أحمد بن الحجاج ، نا سفيان بن عبد الملك ، حدثني
ابن المبارك ، قال :

 ذكرت أبا حنيفة عند الأوزاعي وذكرت
علمه وفقهه فكره ذلك الأوزاعي وظهر لي منه الغضب وقال : تدري ما تكلمت به تطري رجلا
يرى السيف على أهل الإسلام ، فقلت : إني لست على رأيه ولا مذهبه ، فقال : قد نصحتك
فلا تكره فقلت قد قبلت .

فهذا الأوزاعي أنكر على ابن المبارك إطرائه لأبي حنيفة ، لأنه صح عنده
أنه يرى السيف .

 فكيف لو جعله ابن المبارك من أهل
السنة ؟

 مع ما ثبت عند الأوزاعي عنه ،
فكيف بمن هو أشر من أبي حنيفة ، وهو غارق في البدعة .

(2) قال عبد الله بن أحمد في السنة
871 : حدثني أبو بكر الباهلي محمد بن عمرو بن العباس ، نا الأصمعي ، عن معاذ بن مكرم
، قال :

 رآني ابن عون مع عمرو بن عبيد
في السوق ، فأعرض عني ، قال : فاعتذرت إليه ، فقال : أما إني قد رأيتك فما زادني .

عبد الله بن عون بن أرطبان البصري من الثقات الأثبات ، ومن أئمة السلف
الكبار ، فهذا صنيعه مع هذا الرجل فكيف لو أثنى على هذا المبتدع ، أو جعله من أهل السنة
أو حارب أهل السنة من أجله.

(3) وقال عبد الله بن أحمد في السنة
886 : حدثني أحمد ، حدثني أبو داود ، نا عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني ، وكان
عندنا من خيار الناس ، قال :

 ما كان أحد أحب إلي من عمرو ،
وكنا نحب أن نتشبه به في حياة الحسن ، قال : فإني لأذكر أول يوم تكلم فيه فتفرقنا عنه
، قال : فما كنت أحب أن أكلمه

 قال : فلقيني يوما في زقاق ، فلم
أقدر أن أتوارى منه ، قال : فقمت .

 فلما نظر إلي قال : لا تخف ليس
هاهنا أيوب ولا يونس .

فقوله (لا تخف ليس هاهنا أيوب ولا يونس ) يدل على أنهما كانا يشنعان على
من يجالس عمراً فكيف بمن أثنى عليه أو نافح عنه

(4) قال العقيلي في الضعفاء
(2/ 368) : حدثنا محمد بن عيسى قال : حدثنا زياد بن أيوب قال : حدثنا عبد الله بن إدريس
قال : كنت يوما عند الأعمش فقال لي : أي شيء تحفظ في القسامة ؟

 قال : قلت حدثني أبي ، عن حماد
، عن سعيد بن جبير

 قال لي : تذاكرني عن حماد لا حدثتك
شهرا .

حماد بن أبي سليمان كان مرجئاً ، فكيف لو أثنى عبد الله بن إدريس عليه
، أو ذكر أنه من أهل السنة ، أو فضله على أهل السنة بأن يحاربهم ويدافع عنه

(5) قال العقيلي في الضعفاء (
2/368) : حدثنا أحمد بن محمود الهروي قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : حدثنا الفريابي
قال : سمعت سفيان الثوري يقول : كنا نأتي حماد خفية من أصحابنا . إبراهيم بن يوسف قال
: حدثنا محمد بن مسلم بن وارة قال : سمعت عبيد الله بن موسى يقول : سمعت سفيان يقول
: ما كنا نأتي حمادا إلا خفية من أصحابنا . وقال شريك : تروني لم أدرك حمادا ، كنت
أختلف إلى الضحاك أربعة أشهر وكنت أدعه خوفا من أصحابنا . وقال إسرائيل : لم يكن يمنعني
منه إلا فرق من أبي إسحاق وأصحابنا .

فانظر كيف كانوا يشنعون على من يأتيه لسماع الحديث فقط ، لا سماع رأيه
ولهم في هذا تأويل ، فكيف بمن يذهب إلى أهل البدع ليأخذ رأيهم لا روايتهم ، أو يثني
عليهم أو يدافع عنهم ويحط على أهل السنة.

(6) قال العقيلي في الضعفاء
(2/ 154) : حدثنا محمد بن عيسى قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد قال : حدثنا خلف بن تميم
قال : كان زائدة يستتيب من أتى حسن بن صالح.

 فأين ذهبت قاعدة ( خلافنا في غيرنا
لا يكون خلافاً بيننا ).

(7) ال ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح
والتعديل ص21 سمعت أبي يقول سمعت عبد العزيز الاويسي يقول لما خرج اسماعيل بن ابي اويس
إلى حسين بن عبد الله بن ضميرة وبلغ مالكا هجره اربعين يوما. قال أبو محمد هجره لانه
لم يرضاه.

أقول : إسناده قوي ، وفيه فوائد:

الأولى: أن الإمام مالك ألزم إسماعيل بن أبي أويس بجرحه لحسين بن عبد الله
فلما لم يوافقه ابن أبي أويس هجره ، إذ أنه يرى أن حال هذا الرجل لا يخفى.

وما قال أن إسماعيل قد يكون يرى أن ضعفه ضعفٌ محتمل فيكتب حديثه اعتباراً
،لأن الأدلة قد قامت على نكارة حديثه ، ومالك أمكن بالصنعة من إسماعيل فكان ينبغي أن
يصير إلى قوله

الثانية: إن إسماعيل لم يثنِ على حسين ولا أرشد إليه ولا اتهم من تكلموا
فيه بالتشدد ومع ذلك هجره مالك ولم يقل ( اختلافنا في غيرنا لا يكون خلافاً بيننا
) ولو فعل إسماعيل ذلك لتضاعفت العقوبة ولا شك.

الثالثة: أن سبب ترك حسين هو نكارة حديثه لا بدعة فيه .

 ومن المعلوم أن تمييز شديد الضعف
من الضعيف ضعفاً متحملاً أمرٌ خلص لسياطين النقاد ، بخلاف تمييز السني من المبتدع فهو
أهون وإن كان جميع ذلك داخلٌ في الجرح والتعديل.

وعليه فإن تعزير من عظم صاحب بدعة أشد ممن أخذ عن متروك لوضوح الأمر الأول.

 فهذه آثار السلف كلها متواردة
على هذا المعنى.

 الأوزاعي إمام أهل الشام ، ومالك
إمام أهل المدينة ، ويونس وأيوب وابن عون أئمة أهل البصرة ، وزائدة والأعمش من أئمة
أهل الكوفة.

 فأين من يزعم أننا نأخذ ببعض آثار
السلف ونغلو فيها وهي حوادث أعيان ؟

وأين من يصنف في منهج السلف الصالح ، ثم يهمل هذا وغيره كثير ويبني كتابه
على تتبع بعض كلام المعاصرين ، والاجتزاء لنصوص الأئمة ثم يسمي ذلك (منهج السلف الصالح
في الجرح والنقد النصائح)!

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم