أئمة الدعوة النجدية وقاعدة «لا يلزمي الجرح المفسر»

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد وقفت على رسالة بعنوان «إجماع أهل
السنة النبوية على تكفير المعطلة والجهمية»، جمع فيها جامعها رسائل للعلامة سليمان
بن سحمان وغيره في الإنكار على من نقل الخلاف في مسألة تكفير الجهمية ! وهو الشيخ
حسين بن حسن آل الشيخ وقد نقل عنه الرجوع عن هذا، وفي الرسالة فوائد جليلة:

فمنها قول الشيخ سليمان بن سحمان كما في ص
37 :” فإذا كان هذا حال السلف الصالح فإني إن شاء الله تعالى لا أدع الكلام
في عيب أهل البدع والطعن عليهم ولا أدع الكلام فيمن خرج عن طريقة أهل السنة
والجماعة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهو حسبنا ونعم الوكيل نعم
المولى ونعم النصير”.

ومنها قوله في ص40 : “قال شيخنا
الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن في جواب سؤال ورد عليه من ساحل عمان وجواب
هذا لو سلم من أوضح الواضحات عند طلبة العلم وأهل الأثر وذلك أن الإمام أحمد
وأمثاله من أهل العلم والحديث لا يختلفون في تكفير الجهمية وأنهم ضلال زنادقة وقد
ذكر من صنف في السنة تكفيرهم عن عامة أهل العلم والأثر وعد اللالكائي رحمه الله
تعالى منهم عددا يتعذر ذكرهم في هذه الرسالة وكذلك ابن الإمام أحمد رحمه الله
تعالى في كتاب السنة والخلال في كتاب السنة وابن أبي مليكة في كتاب السنة وإمام
الأئمة ابن خزيمة قد قرر كفرهم ونقله عن أساطين الأئمة وقد حكى كفرهم شمس الدين
ابن القيم رحمه الله تعالى في كافيته عن خمسمائة من أئمة المسلمين وعلمائهم،
والصلاة خلفهم لا سيما الجمعة لا تنافي القول بتكفيرهم لكن تجب الإعادة حيث لا
تمكن الصلاة خلف غيرهم

وقد يفرق بين من قامت عليه الحجة التي
يكفر تاركها وبين من لا شعور له بذلك وهذا القول يميل إليه شيخ الإسلام في المسائل
التي قد يخفى دليلها على بعض الناس وعلى هذا القول فالجهمية في هذه الأزمنة قد
بلغتهم الحجة وظهر الدليل وعرفوا ما عليه أهل السنة واشتهرت الأحاديث النبوية
وظهرت ظهورا ليس بعده إلا المكابرة والعناد وهذا حقيقة الكفر والإلحاد كيف لا
وقولهم يقتضي تعطيل الذات والصفات والقول بما اتفق عليه الرسالة والنبوات وشهدت به
العقول السليمات”.

وقوله في ص66 :” هذه دعوى كاذبة
خاطئة فإنه لم ينقل عن أحد من العلماء المذكورين أو غيرهم عدم تكفير الجهمية البتة”.

ومنها قوله قوله في ص 73 : “وقال
الحسن بن عيسى من قول نفسه ومن يشك في كفر الجهمية، وهذا يدل على أنه قد كان من
المعلوم عند السلف وأئمة الهدى أنهم لا يشكون في كفر الجهمية، وقال الخلال في
السنة أخبرني علي بن عيسى أن حنبلا حدثهم قال سمعت أبا عبد الله يقول: من زعم أن
الله لم يكلم موسى فقد كفر بالله وكذب القرآن ورد على رسول الله صلى الله عليه
وسلم آمره يستتاب من هذه المقالة فإن تاب وإلا ضربت عنقه” انتهى.

فهذا كلام الإمام أحمد فيمن نفى صفة
الكلام فكيف إذا أضاف إلى ذلك نفي علو الله على خلقه واستوائه على عرشه وزعم أنه
لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه ولا محايث له أترى أنه يشك
في كفر هؤلاء أو في كفر من لم يكفرهم”.

ولما قال حسن بن حسين آل الشيخ :” إذ
يلزم منه تكفير طائفة من علماء السلف من أهل السنة والجماعة ومن تبعهم ممن سكت عن
تكفيرهم من عوام المسلمين وفيه الوعيد الشديد والنهي الأكيد”.

رد عليه ابن سحمان بقوله في ص79 :” فالجواب
أن يقال لا يلزم ذلك ولو لزم فلازم المذهب ليس بمذهب كما هو مقرر معلوم من كلام
العلماء، قال الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في رسالته
التي كتبها بعد دخول مكة المشرفة في جواب من قال يلزم من تقريركم وقطعكم في أن من
قال يا رسول الله أسألك الشفاعة أنه مشرك مهدر الدم أن يقال بكفر غالب الأمة
لاسيما المتأخرين لتصريح علمائهم المعتبرين أن ذلك مندوب وشنوا الغارة على من خالف
في ذلك فقال رحمه الله.

لا يلزم ذلك لأن لازم المذهب ليس بمذهب
كما هو مقرر ومثل ذلك لا يلزم أن نكون مجسمة وإن قلنا بجهة العلو كما ورد الحديث
بذلك ونحن نقول فيمن مات تلك أمة قد خلت ولا نكفر إلا من بلغته دعوتنا للحق ووضحت
له المحجة وقامت عليه الحجة وأصر مستكبرا معاندا كغالب من نقاتلهم اليوم يصرون على
ذلك الإشراك ويمتنعون من فعل الواجبات ويتظاهرون بأفعال الكبائر المحرمات وغير
الغالب إنما نقاتله لمناصرته لمن هذه حاله ورضاه به ولتكثير سواد من ذكر والتأليب
معه فله حينئذ حكمه في حل قتاله ونعتذر عمن مضى بأنهم مخطئون معذورون لعدم عصمتهم
من الخطأ والإجماع في ذلك قطعي، إلى أن قال: فإن قلت هذا فيمن ذهل فلما نبه انتبه
فما القول فيمن حرر الأدلة واطلع على كلام الأئمة القدوة واستمر مصرا على ذلك حتى
مات”.

أقول : وهذا نظير إلزام جماعة الحلبي أهل
السنة بتكفيرهم ، لما أنكروا عليهم تأييد رسالة عمان.

وقال ابن سحمان في ص80 : “ولا مانع
أن نعتذر لمن ذكر ولا نقول أنه كافر أولا لما تقدم أنه مخطئ وإن استمر على خطئه
لعدم من يناضل عن هذه المسألة في وقته بلسانه وسيفه وسنانه فلم تقم عليه الحجة ولا
وضحت له المحجة بل الغالب على زمن المؤلفين المذكورين التواطؤ على هجر كلام أئمة
السنة في ذلك فمن اطلع عليه أعرض عنه قبل أن يتمكن في قلبه ولم يزل أكابرهم تنهى
أصاغرهم عن مطلق النظر في ذلك وصولة الملوك قاهرة لمن وقر في قلبه شيء من ذلك إلا
من شاء الله منهم”.

فتأمل كيف علل ابن سحمان ضلال الناس في في
تلك الأزمنة بالتواطؤ على هجر كلام أئمة أهل السنة، وهذا ما يدعو إليه أهل التمييع
اليوم بالدعوة الصارخة إلى هجران كتب السلف ، والإنكار على من يقرأ فيها، ومن أنفس
ما في هذا الكتاب ما ورد في ص 162 من قول الأئمة:

” بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده الجواب لا تصح إمامة من لا
يكفر الجهمية والقبوريين أو يشك في تكفيرهم وهذه المسألة من أوضح الواضحات عند
طلبة العلم وأهل الأثر وذلك أن الإمام أحمد رحمه الله وأمثاله من أهل العلم
والحديث لم يختلفوا في تكفير الجهمية وأنهم ضلال زنادقة وقد ذكر من صنف في السنة
تكفيرهم عن عامة أهل العلم والأثر وعد اللالكائي الإمام رحمه الله منهم عددا يتعذر
ذكرهم في هذه الفتوى وكذلك ابن الإمام عبد الله بن أحمد في كتاب السنة والخلال في
كتاب السنة وإمام الأئمة ابن خزيمة قرر كفرهم ونقله عن أساطين الأئمة وقد حكى
كفرهم شمس الدين ابن القيم في كافيته عن خمسمائة من أئمة المسلمين وعلمائهم، وقد
يفرق بين من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها وبين من لا شعور له بذلك وهذا القول
يميل إليه شيخ الإسلام في المسائل التي قد يخفى دليلها على بعض الناس وعلى هذا
القول فالجهمية في هذه الأزمنة قد بلغتهم الحجة وظهر الدليل وعرفوا ما عليه أهل
السنة والجماعة واشتهرت التفاسير والأحاديث النبوية وظهرت ظهورا ليس بعده إلا
المكابرة والعناد وهذه هي حقيقة الكفر والإلحاد كيف لا وقولهم يقتضي من تعطيل
الذات والصفات والكفر بما اتفقت عليه الرسالة والنبوات وشهدت به الفطر السليمات ما
لا يبقى معه حقيقة للربوبية والإلهية ولا وجود للذات المقدسة المتصفة بجميل الصفات
وهم إنما يعبدون عدما لا حقيقة لوجوده ويعتمدون على الخيالات والشبه ما يعلم فساده
بضرورة العقل وبالضرورة من دين الإسلام عند من عرفه وعرف ما جاءت به الرسل صلوات
الله وسلامه عليهم أجمعين .

ولبشر المريسي وأمثاله من الشبه والكلام
في نفي الصفات ما هو من جنس هذا المذكور عند الجهمية المتأخرين بل كلامه أخف
إلحاداً من بعض قول هؤلاء الضلال ومع ذلك فأهل العلم متفقون عل تكفيره، وكذلك
القبوريون لا يشك في كفرهم من شم رائحة الإيمان وقد ذكر شيخ الإسلام وتلميذه ابن
القيم رحمهما الله في غير موضع أن نفي التكفير بالمكفرات قوليها وفعليها فيما يخفى
دليله ولم تقم الحجة على فاعله وأن النفي يراد به نفي تكفير الفاعل وعقابه قبل
قيام الحجة عليه وأن نفي التكفير مخصوص بمسائل النزاع بين الأمة وأما دعاء
الصالحين والاستغاثة بهم وقصدهم في الملمات والشدائد فهذا لا ينازع مسلم في تحريمه
والحكم بأنه من الشرك الأكبر فليس في تكفيرهم وتكفير الجهمية قولان.

وأما الأباضية في هذه الأزمان فليسوا على
طريقة الماضين من أسلافهم والذي يبلغنا أنهم على دين عباد القبور وانتحلوا أمورا
كفرية لا يتسع ذكرها هنا ومن كان بهذه المثابة فلا شك في كفره فلا يقول بإسلامهم
إلا إنسان مصاب في عقله ودينه.

وأما قول السائل وهل تصح جمعة ثانية لأهل
قرية منذ كانوا وهم يصلون بجامع واحد وإمامهم حسن العقيدة والسيرة ما فيه مقال
والجامع كبير يأخذ أكثر مما في البلد ولكن طلب الإمام الجديد حسين من الإمام
القديم إبراهيم أن يكف عن ذم القبورية والجهمية فلم يطعه وقام الإمام الجديد
واعتزل بنصف أهل البلد بجامع آخر.

الجواب أنه لا يصح إقامة جمعة ثانية في
قرية يشملها اسم واحد من غير ضرورة داعية إلى ذلك والإمام الذي يكفر الجهمية
والقبورية والإباضية هو الذي تصح الصلاة خلفه ولا تصح خلف من لا يرى كفر هؤلاء
الملاحدة أو يشك في كفرهم واعتزال الإمام الجديد بنصف الجماعة لكون الإمام القديم
يذم القبورية والجهمية عذر باطل لا يبيح إقامة جمعة ثانية فلا تصح جمعته معهم ولا
تنعقد والحالة هذه وصلى الله على محمد وآله وسلم

عبدالله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن

إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن

سليمان بن سحمان “

فتأمل كيف أفتوا بعدم صحة الصلاة خلف من
لا يكفر الجهمية، وهذا إلزام بالجرح في أقصى صوره، وهذه الفتيا كان عليها
المتقدمون من أصحاب الإمام أحمد ، قال ابو بكر بن عبد الخالق في زوائد كتاب الورع
ص89 سألت عبد الوهاب عمن لا يكفر الجهمية قلت يا ابا الحسن يصلي خلفه قال لا يصلي
خلفه هذا ضال مضل منهم على الاسلام، بل هذا ما عليه عامة أئمة أهل الحديث.

قال حرب الكرماني في عقيدته التي قال في
أولها : “هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى
بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن
خالف شيئًا من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أوعاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة
زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبد
الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور” ، ثم مما جاء فيها قوله : “ومن
لم يكفرهم -يعني الجهمية- فهو مثلهم”، فأين هذا من قول من يقول اطلب العلم
عند من لا يبدع الجهم بن صفوان ، وأين هذا من قول ( لا تلزمني بالجرح )، فإن قيل :
أليس لم يكفر أئمة الإسلام بعض أعيان الجهمية، فيقال : قد يكون المراد بالتكفير
الحكم بأنهم واقعون في الكفر الأكبر ، وإن لم يكفر أعيانهم أو يراد أن هذا حكم
الأغلب فيهم.

وفي موقف العلامة سليمان بن سحمان عبرة
لأهل التمييع اليوم ، إذ أنه رد على شيخ سلفي سليل أئمة في مسألة زلت فيها قدمه
وشدد عليه النكير ، ولم يقل له أحد ( أنت فرقت السلفيين ) أو ( لنشتغل بالرد على
أهل البدع الخلص ) أو ( خلافنا في غيرنا لا يكون خلافاً بيننا ).

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (12/ 456)
:” وَقَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الهَيْثَمِ
بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا الفِرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا البُخَارِيُّ، قَالَ: نظرتُ
فِي كَلاَمِ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى وَالمَجُوْسِ فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَضَلَّ فِي كُفْرِهِم مِنَ الجَهْمِيَّةِ، وَإِنِّي لأَستجهلُ مَنْ لاَ
يُكَفِّرُهُم”.

فقال المعلقون على سير أعلام النبلاء :”
ذكره في ” خلق أفعال العباد ” ص 71، وهو من الغلو والافراط الذي لا
يوافقه عليه جمهور العلماء سلفا وخلفا، وكيف يحكم بكفرهم، ثم يروي عنهم، ويخرج
أحاديثهم في صحيحه الذي انتقاه وشرط فيه الصحة؟”.

أقول : وهذه قلة حياء وصفاقة وكذب، فإن
الإجماع منعقد على تكفير الجهمية كما تقدم على تكفير الجهمية كما نقله عدد من
الأئمة على رأسهم حرب الكرماني والطبراني واللالكائي، بل حتى أئمتكم أئمة أهل
الرأي يقولون بتكفير القائلين بخلق القرآن.

قال الذهبي في كتاب العلو :” 409 – وَقَالَ
ابْن أبي حَاتِم الْحَافِظ حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُسلم حَدثنَا عَليّ بن
الْحسن الكراعي قَالَ قَالَ أَبُو يُوسُف ناظرت أَبَا حنيفَة سِتَّة أشهر فاتفق
رَأينَا على أَن من قَالَ الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر”، وصحح هذا الأثر
بدر الدين العيني في مغاني الأخيار.

وقال الطحاوي في عقيدته :” وأن
القرآن كلام الله: منه بدأ بلا كيفية قولاً، وأنزله على رسوله وحياً: وصدّقه
المؤمنون على ذلك حقاً:

وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة: ليس
بمخلوق ككلام البرية: فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر، فقد كفر: وقد ذمه الله وعابه
وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) فلما أوعد الله بسقر لمن قال: (إن هذا
إلا قول البشر) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر:

ولا يشبه قول البشر: ومن وصف الله بمعنى
من معاني البشر، فقد كفر: فمن أبصر هذا اعتبر: وعن مثل قول الكفار انزجر: وعلم أنه
بصفاته ليس كالبشر”.

وقال الحافظ أبو العلاء الهمذاني (ت 569
هـ) قي ” فتواه في ذكر الاعتقاد وذم الاختلاف ” (ص 90 – 91) : (فصل في
ذكر الاعتقاد الذي أجمع عليه علماء البلاد).

ثم روى بسنده الصحيح إلى الإمام الحافظ
أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم (ت 327 هـ) قال: (سألت أبي وأبا زرعة – رضي الله
عنهما -: عن مذاهب أهل السنة، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار: حجازا،
وعراقا، ومصر، وشاما، ويمنا؟ فكان من مذهبهم:

   
أن الإيمان قول، وعمل، يزيد، وينقص.

   
والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته) .

ثم ذكر بقية معتقدهما، إلى أن قالا (ص 93)
:

   
وأن الجهمية كفار.

   
والرافضة رفضوا الإسلام.

   
والخوارج مراق.

   
ومن زعم أن القرآن مخلوق: فهو كافر كفرا ينقل عن الملة.

   
ومن شك في كفره ممن يفهم: فهو كافر”.

فهذا إجماع آخر.

وأما دعواهم أن البخاري خرج في صحيحه
للجهمية فهذا كذب على الإمام البخاري رحمه الله إذ لا يعرف في رواة الصحيح أحدٌ
قال ( القرآن مخلوق ) صراحةً ، ولا من ينكر علو الله عز وجل على خلقه ، وإنما روى
عن واقفيين اثنين وهما علي بن الجعد وعلي بن أبي هاشم وهما من يقف ويقول ( لا أقول
مخلوق أو غير مخلوق ) .

قال  ابن حجر في هدي الساري وهو يعد من رمي ببدعة ممن
خرج له في الصحيح ص407 : “وهذه أسماؤهم خ م إبراهيم بن طهمان رمى بالإرجاء خ
م إسحاق بن سويد العدوي رمى بالنصب خ إسماعيل بن أبان رمى بالتشيع خ م أيوب بن
عائذ الطائي رمى بالإرجاء خ م بشر بن السري رمى برأي جهم بهز بن أسد رمى بالنصب خ
م ثور بن زيد الديلي المدني رمى بالقدر خ م ثور بن يزيد الحمصي رمى بالقدر خ م
جرير بن عبد الحميد رمى بالتشيع ع ا حريز بن عثمان الحمصي رمى بالنصب خ م حسان بن
عطية المحاربي رمى بالقدر خ الحسن بن ذكوان رمى بالقدر خ حصين بن نمير الواسطي رمى
بالنصب خ خالد بن مخلد القطواني رمى بالتشيع خ م سليمان المكي رمى بالقدر خ شبابة
بن سوار رمى بالإرجاء خ شبل بن عباد المكي رمى بالقدر خ م شريك بن عبد الله بن أبي
نمر رمى بالقدر خ م عباد بن العوام رمى بالتشيع خ عباد بن يعقوب رمى بالرفض خ عبد
الله بن سالم الأشعري رمى بالنصب خ م عبد الله بن عمرو أبو معمر رمى بالقدر خ م
عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى رمى بالتشيع خ م عبد الله بن أبي لبيد
المدني رمى بالقدر خ م عبد الله بن أبي نجيح المكي رمى بالقدر عبد الأعلى بن عبد
الأعلى البصري رمى بالقدر عبد الحميد بن عبد الرحمن بن إسحاق الحماني رمى بالإرجاء
عبد الرزاق بن همام الصنعاني رمى بالتشيع عبد الملك بن أعين رمى بالتشيع عبد
الوارث بن سعيد التنوري رمى بالقدر عبد الله بن موسى العبسي رمى بالتشيع عثمان بن
غياث البصري رمى بالإرجاء عدي بن ثابت الأنصاري رمى بالتشيع عطاء بن أبي ميمون رمى
بالقدر عكرمة مولى بن عباس رمى برأي الأباضية من الخوارج علي بن الجعد رمى بالتشيع
علي بن أبي هاشم رمى بالوقف في القرآن عمر بن ذر رمى بالإرجاء عمر بن أبي زائدة
رمى بالقدر عمرو بن مرة رمى بالإرجاء عمران بن حطان رمى برأي القعدية من الخوارج
عمران بن مسلم القصير رمى بالقدر عمير بن هانئ الدمشقي رمى بالقدر عوف الأعرابي
البصري رمى بالقدر الفضل بن دكين أبو نعيم رمى بالتشيع فطر بن خليفة الكوفي رمى
بالتشيع قتادة بن دعامة رمى بالقدر وقال أبو داود لم يثبت عندنا عنه قيس بن أبي
حازم رمى بالنصب كهمس بن المنهال رمى بالقدر محمد بن جحادة الكوفي رمى بالتشيع
محمد بن حازم أبو معاوية الضرير رمى بالإرجاء محمد بن سواء البصري رمى بالقدر محمد
بن فضيل بن غزوان رمى بالتشيع مالك بن إسماعيل أبو غسان رمى بالتشيع هارون بن موسى
الأعور النحوي رمى بالقدر هشام بن عبد الله الدستوائي رمى بالقدر ورقاء بن عمرو
اليشكري رمى بالإرجاء الوليد بن كثير بن حيي المدني رمى برأي الإباضية من الخوارج
وهب بن منبه اليماني رمى بالقدر ورجع عنه يحيى بن حمزة الحضرمي رمى بالقدر يحيى بن
صالح الوحاظي رمى بالإرجاء”.

فلم يذكر رجلاً رمي بالتجهم بشكل صريح.

وأما الواقفيان فأمرهما سهل فكلاهما من
شيوخ البخاري الكبار ، ويبدو أن البخاري قد احتاج إلى الرواية عنهما بعلو ، مع كون
الأحاديث محفوظة عند المحدثين معروفة ، فلم يرو عن علي بن الجعد إلا ما كان من
حديثه عن شعبة ، وأحاديث شعبة معروفة عند الناس مشهورة ، وهي أربعة عشر حديثاً
كلها توبع عليها علي بن الجعد ، وأما علي بن أبي هاشم فلم أستطع الوقوف على رواية
البخاري عنه ، ويبدو أنها نادرة جداً وفي المتابعة أيضاً.

هذا إن سلمنا أن البخاري عرف ذلك عنهم ،
ولم أعرف أحداً من رجال الستة صح عنه إنكار العلو أو القول بقول جهم في الإيمان أو
القدر كما تقول الجهمية الأشعرية

وللفائدة علي بن الجعد هذا كان من شيوخ
الإمام أحمد أيضاً ، ولم يخرج عنه حديثاً واحداً في المسند

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم