آية في نعيم القبر مغفول عنها في الدرس العقدي

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

آية في نعيم القبر مغفول عنها في الدرس العقدي..

كثير من الناس يسمعون عن (عذاب القبر) ولا يدرون عن نعيم القبر وأن أهل الإيمان يصيبهم شيء من النعيم في قبورهم.

من الآيات التي استدل بها على عذاب القبر قوله تعالى: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون} وغيرها من الآيات جمعتها في مقال مستقل وبينت وجه الدلالة في كل واحدة منها.

غير أن كثيرًا من طلبة العلم يظنون أن نعيم القبر إنما ورد في السنة، وهكذا كنت أظن قديمًا، حتى وقفت على آثار في تفسير قوله تعالى: {من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون}.

قال الطبري في تفسيره: “يقول تعالى ذكره: من كفر بالله فعليه أوزار كفره، وآثام جحوده نعم ربه، (ومن عمل صالحا): يقول: ومن أطاع الله، فعمل بما أمره به في الدنيا، وانتهى عما نهاه عنه فيها (فلأنفسهم يمهدون) يقول: فلأنفسهم يستعدون، ويسوون المضجع ليسلموا من عقاب ربهم، وينجوا من عذابه، كما قال الشاعر:
امهد لنفسك حان السقم والتلف … ولا تضيعن نفسا ما لها خلف
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فلأنفسهم يمهدون) قال: يسوون المضاجع.


حدثنا ابن المثنى والحسين بن يزيد الطحان وابن وكيع وأبو عبد الرحمن العلائي، قالوا: ثنا يحيى بن سليم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فلأنفسهم يمهدون) قال: في القبر.


حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: ثنا يحيى بن سليم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فلأنفسهم يمهدون) قال: للقبر.


حدثنا نصر بن علي، قال: ثنا يحيى بن سليم، قال: ثنا ابن أبي نجيح، قال: سمعت مجاهدا يقول في قوله: (فلأنفسهم يمهدون) قال: في القبر
“.

فالضجعة الهنيئة بالقبر هي نوع من النعيم، فيكون في هذه الآية إشارة إلى ما ورد في السنة من نعيم القبر، كما ورد في خبر الترمذي: ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال له، نم، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه.