قال تعالى: {أم لهم سلّم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين}[الطور].
قال الطبري في تفسيره:
“أم لهم سلّم يرتقون فيه إلى السماء يستمعون عليه الوحي، فيدّعون أنهم سمعوا هنالك من الله أن الذي هم عليه حق، فهم بذلك متمسكون بما هم عليه”.
تأمل قوله (سمعوا هنالك من الله).
ظاهر الآية سؤال المشركين الذين يستبعدون نزول الملائكة بالوحي، هل أنتم صعدتم إلى الله عز وجل وسمعتهم منه تصحيح مذاهبكم؟
ظاهرها إثبات صفة العلو وصفة الكلام لله عز وجل، وأنه يتكلم بما شاء متى شاء.
وحتى لو قيل المقصود الملأ الأعلى من الملائكة فالملائكة يسمعون كلام الله لقربهم، فالحوار عن وحي من الله وليس من الملائكة.
ومعلوم أن عامة بني آدم يتجهون للعلو، ويؤمنون أن الله عز وجل في العلو، والقرآن كتاب بيان وهدى لا يقر الناس على باطل يتوهمونه.
وفي الآية رد على الجهمية من باب آخر وهو أن الهدى يُطلب من الوحي في المطالب الكبرى، فمن لم يكن له سبب بالوحي فلا ثقة بنتائجه، وإن زعمها عقليات وهي تخالف الفطرة والنصوص، بل وتخالف العقل الصحيح على التحقيق.
وفي الآية بيان مسلك يغفل عنه كثيرون، وهو أنهم اذا خاطبوا الكافر تطلبوا الأدلة على صحة دين الإسلام وينسون مساءلة الكافر عن براهين عقيدته.
ويُختزل البحث في كون الكافر (مقتنعا) بالإسلام أو ليس مقتنعا، والذي يجب هو أن نسأله عن أدلة عقيدته هو الآخر وعلى ماذا بنى قوله، وهذا يقطع الوسواس والتوسع الإعذاري.