تدبر هذه الآية و سيتضح لك بها أصل، سيزيل كثيرا من الشبهات التى تدور فى دائرة العلاقة مع الكافر المحارب،
لا الكافر المسالم: ذميا كان أو معاهدا أو مستأمنا..
قال تعالى:
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (الأعراف : 32)
فالطيبات حلال للمؤمن و لن يعاقب عليها، فتكون له خالصة يوم القيامة، أما الكافر فهى حرام عليه فى الدنيا، و سيعاقب عليها فى الآخرة..
يقول الشيخ السعدى رحمه الله:
“وهذا التوسيع من اللّه لعباده بالطيبات، جعله لهم ليستعينوا به على عبادته، فلم يبحه إلا لعباده المؤمنين، ولهذا قال: { قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي: لا تبعة عليهم فيها. ومفهوم الآية أن من لم يؤمن باللّه، بل استعان بها على معاصيه، فإنها غير خالصة له ولا مباحة، بل يعاقب عليها وعلى التنعم بها، ويُسأل عن النعيم يوم القيامة” إنتهى
فلماذا سيعاقب الكافر عليها فى الآخرة ؟؟
لأن الله تعالى خلق تلك النعم ليستعان بها على عبادته، كما خلق أنفسهم لعبادته؛ فعبدوا بأنفسهم غيره، و إستعانوا بتلك النعم على غير عبادته، فبذلوها على غير وجهها، فصارت حراما عليهم.. فلقد استخلفهم مالك المال و مالك أنفسهم و مالك الملك على نعمه لتحقيق غاية ما، فبذلوها فى غير غايتها، بل صدوا بها عن سبيله إذا أضيف إلى كفرهم محاربة المسلمين، و هنا يتجلى لنا معنى الغنيمة أو الإسترقاق و السبى، و جهاد الطلب الذى ينتج عنه تلك الأحكام؛ لأنهم لما وجهوا أنفسهم و أموالهم لغير عبادته، فقد فقدوا أهليتهم على نفوسهم و أموالهم، فصاروا غير مستحقين لها، إلا أن ذلك لا يكون إلا إذا أضيف وصف الحراب للكافر، أى ضد الكافر المحارب..
أما الذمى أو المعاهد أو المستأمن فدمه حرام و ماله حرام، فيحرم قتاله و قتله و يحرم إسترقاقه و سبيه و يحرم غنم ماله و أرضه..
و لقد أبرز شيخ الإسلام هذا الأصل فى سياق حديثه عن الفىء، فقال رحمه الله:
“فإن الأصل أن الله خلق الخلق إعانة على عبادته، فالكافرون به أباح أنفسهم التى لم يعبدوه بها، و أموالهم التى لم يستعينوا بها على عبادته، لعباده المؤمنين الذين يعبدونه، و أفاء عليهم ما يستحقونه”
(مجموع الفتاوى : ٢٧٦/٢٨)
و بذلك يتبين لنا أصل هاام، و هى أن المال مال الله، و أننا مستخلفين فيه، لننفقه فى طاعة الله، و كذلك نفوسنا خلقت لكى نعبد بها الله، فإن وجهناها لغير عبادته أو لمعصيته، فسوف نحاسب على ذلك، بل سنعاقب عليه..!
و كذلك يرد لنا هذا الأصل على كثير من الشبهات المتعلقة بالجهاد، بميزان شرعى ينزع الشبهة من جذورها، لا بميزان القيم الغربية..!
و الله المستعان…
كتبه الاستاذ محمد القليط