آية الكرسي والمطر
افتُتحت أعظم آية في كتاب الله عز وجل باسمي {الحي القيوم}، ولذلك علاقة في نفسي بالمطر أفهمها من الوحي.
وذلك أن المطر حياة للأرض، والوحي حياة للقلوب.
قال تعالى: {وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها} [البقرة].
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} [الأنفال].
وسمى الله الوحي روحاً.
والحي -سبحانه- في اسمه إشارة إلى معنى الإحياء فمانح الكمال أولى به، فالحي -سبحانه- من أحيا الأرض بعد موتها وأحيا القلوب بالوحي.
والقيوم هو القائم على عباده في كل شيء، ومِن ذلك رزقهم.
ومن مظاهر قيوميته: ذلك المطر الذي يرزقهم إياه؛ فيُحيي الأرض، فيأكل من ثمرها البشر والدواب، ويتغذى البشر على الدواب، على لحومها؛ وألبانها؛ ويركبونها؛ ويحرثون عليها.
وما كان سبحانه ليرزق عباده ما تقوم به أبدانهم ويترك قلوبهم خربة، لذلك جاء الوحي، ولهذا شبَّه الوحي بالمطر.
قال تعالى: {أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين} [البقرة].
وهذا يبيِّن علاقة بداية آية الكرسي ببقيتها، ففيها ذكر العلم {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء}.
والوحي من علم الله، فالعلم يظهر بالكلام، والوحي كلام الله (وهذه حجة أهل السنة على الجهمية، لمَّا قالوا لهم: الكلام من العلم).
فالوحي من مظاهر حياة الله وقيوميته، وكذلك المطر، والوحي من علمه سبحانه.
فإذا رأيت المطر الحسي تذكَّر الصيِّب المعنوي الذي خصك الله به من دون بقية الأمم.