هل يوصف الله عز وجل بالسكوت ؟

في

,

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أبو داود في سننه 3802 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ – يَعْنِى ابْنَ شَرِيكٍ
الْمَكِّىَّ – عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِى الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ
تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ
وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلاَلٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا
سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَتَلاَ (قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا)
إِلَى آخِرِ الآيَةِ.

فتأمل قوله ( وما سكت عنه )

وقال شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (5/43) :” ونحن لا نقول كلم
موسى بكلام قديم ولا بكلام مخلوق بل هو سبحانه يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء

كما أنه سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش
وأنه سبحانه استوى إلى السماء وهي دخان وأنه سبحانه يأتي في ظلل من الغمام والملائكة
كما قال : { وجاء ربك والملك صفا صفا } وقال : { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة
أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك } وقال تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول
له كن فيكون } وقال تعالى : { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون }

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (6/178) :” قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
_ يعني الأنصاري _: فَطَارَ لِتِلْكَ الْفِتْنَةِ ذَاكَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ _
يعني ابن خزيمة _ ؛ فَلَمْ يَزَلْ يَصِيحُ بِتَشْوِيهِهَا وَيُصَنِّفُ فِي رَدِّهَا؛
كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ حَتَّى دَوَّنَ فِي الدَّفَاتِرِ وَتَمَكَّنَ فِي السَّرَائِرِ؛
وَلَقَّنَ فِي الْكَتَاتِيبِ وَنَقَشَ فِي الْمَحَارِيبِ: أَنَّ اللَّهَ مُتَكَلِّمٌ
إنْ شَاءَ تَكَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ؛ فَجَزَى اللَّهُ ذَاكَ الْإِمَامَ وَأُولَئِكَ
النَّفَرَ الْغُرَّ عَنْ نُصْرَةِ دِينِهِ وَتَوْقِيرِ نَبِيِّهِ خَيْرًا.

قُلْت: فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ” {الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا
حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ}
” رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” {إنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا؛
وَحَدَّدَ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا وَحَرَّمَ مَحَارِمَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا وَسَكَتَ
عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا}

وقال شيخ الإسلام أيضا (6/179) :فَثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ
أَنَّ اللَّهَ يُوصَفُ بِالسُّكُوتِ .انتهى

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم