هدم محمد حسان لأصل هجران أهل البدع والفساق …

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال محمد حسان في كتابه أحداث النهاية ص344 :

” سلم على كل مسلم أخي المسلم ، وأنت يا أختاه سلمي على أختك المسلمة
، تقولين : هذه الأخت على معصية أقول لك ذكريها بالله تبارك وتعالى ، تقولين إنها دخلت
المسجد بزي غير منضبط شرعاً ، أقول لك ذكريها بالله تبارك وتعالى بكلمة رقيقة مهذبة
جميلة ، وأنت يا أخي الحبيب لا تقل : هذا الرجل مبتدع أو مقصر وتقف مكتفاً لا بل ذكره
بالله عز وجل بأسلوب رقراق مهذب جميل “

أقول : هذه قاعدة نصحح ولا نجرح بعينها

وهجر الفاسق والمبتدع طريقة شرعية في الإصلاح استفادها أهل العلم من عدة
نصوص:

 منها هجر النبي صلى الله عليه
وسلم لكعب بن مالك وصاحبيه لما تخلفا عن غزوة تبوك

قال البخاري في صحيحه : بَاب مَا يَجُوزُ مِنْ الْهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى
وَقَالَ كَعْبٌ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا
وَذَكَرَ خَمْسِينَ لَيْلَةً.

وقال البخاري في الأدب المفرد 1018: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ،
وَمُعَلَّى، وَعَارِمٌ، قَالُوا: حَدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ
قَالَ: لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْفَاسِقِ حُرْمَةٌ.

وجاء في جامع المسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/ 122) :” مسألة

هل يجوزُ غيبةُ تاركِ الصلاةِ أم لا؟

الجواب

الحمد لله، إذا قيل عنه إنه تاركُ الصلاة وكان تاركَها فهذا جائز، ويَنبغي
أن يُشاعَ ذلك عنه ويُهْجَر حتى يُصلي، وأمَّا مع القدرة فيجِبُ أن يُستَتابَ، فإن
تابَ وإلا قُتِل”

وهذا مشروع باتفاق أهل العلم عند توفر شروطه وانتفاء موانعه

وقال ابن القيم في بدائع الفوائد (3/1009) :” وبإسناده عن عبد الله
بن محمد بن الفضل الصيداوي قال قال أحمد بن حنبل إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه
قال النبي أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم”

وقد ورد في الحديث أن المرء مع من أحب فمن يحب أن يكون مع المبتدع يوم
القيامة

وقال الآجري في الشريعة 191 : حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : حدثنا
الفضل بن زياد قال حدثنا أبو طالب قال : سألت أبا عبد الله عمن أمسك فقال : لا أقول
: ليس هو مخلوقا ، إذا لقيني في الطريق وسلم علي ، أسلم عليه ؟

 قال : لا تسلم عليه ؟ ولا تكلمه
، كيف يعرفه الناس إذا سلمت عليه ؟

 وكيف يعرف هو أنك منكر عليه ؟
فإذا لم تسلم عليه عرف الذل ، وعرف أنك أنكرت عليه ، وعرفه الناس.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول (6/40) :

” ويوضح ذلك أنا نقر الكفار بالذمة على أعظم الذنوب ولا نقر واحدا
منهم ولا من غيرهم على زنى ولا سرقة ولا كبير من المعاصي الموجبة للحدود وقد عاقب الله
قوم لوط من العقوبة بما لم يعاقبه بشرا في زمنهم لأجل الفاحشة والأرض مملوءة من المشركين
وهم في عافية وقد دفن رجل قتل رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرات والأرض تلفظه
في كل ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الأرض لتقبل من هو شر منه ولكن
الله أراكم هذا لتعتبروا” ولهذا يعاقب الفاسق الملي من الهجر والإعراض والجلد
وغير ذلك بما لا يعاقب به الكافر الذمي مع أن ذلك أحسن حالا عند الله وعندنا من الكافر”

قال الخلال في السنة 1704:  أَخْبَرَنِي
الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ
, قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو ثَابِتٍ الْخَطَّابُ , قَالَ :

 كُنْتُ أَنَا وَإِسْحَاقُ بْنُ
أَبِي عُمَرَ جَالِسًا , فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ جَهْمِيٌّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ
جَهْمِيٌّ , فَسَلَّمَ عَلَيْنَا , فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ السَّلاَمَ , وَلَمْ يَرُدَّ
عَلَيْهِ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي عُمَرَ .

 فَقَالَ لِي إِسْحَاقُ : تَرُدُّ
عَلَى جَهْمِيٍّ السَّلاَمَ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : أَلَيْسَ أَرُدُّ عَلَى الْيَهُودِيِّ
وَالنَّصْرَانِيِّ ؟

 قَالَ : تَرْضَى بِأَبِي عَبْدِ
اللَّهِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ .

 قَالَ : فَغَدَوْتُ إِلَى أَبِي
عَبْدِ اللَّهِ , فَأَخْبَرْتُهُ بِالْخَبَرِ , فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ , تَرُدُّ
عَلَى جَهْمِيٍّ ؟

 فَقُلْتُ : أَلَيْسَ أَرُدُّ عَلَى
الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ؟

 فَقَالَ : الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ
قَدْ تَبَيَّنَ أَمْرُهُمَا.

وهذا الأثر في سنده جهالة غير أن معناه مستقيم

وقال ابن حجر في الفتح (10/497) :” قال الطبري: قصة كعب بن مالك أصل
في هجران أهل المعاصي، وقد استشكل كون هجران الفاسق أو المبتدع مشروعًا ولا يشرع هجران
الكافر، وهو أشد جرمًا منهما لكونهم من أهل التوحيد في الجملة. وأجاب ابن بطال: بأن
لله أحكامًا فيها مصالح للعباد وهو أعلم بشأنها وعليهم التسليم لأمره فيها، فجنح إلى
أنه تعبد لا يعقل معناه. وأجاب غيره: بأن الهجران على مرتبتين: الهجران بالقلب، والهجران
باللسان، فهجران الكافر بالقلب وبترك التودد والتعاون والتناصر لاسيما إذا كان حربيًا،
وإنما لم يشرع هجرانه بالكلام لعدم ارتداعه بذلك عن كفره، بخلاف العاصي المسلم فإنه
ينزجر بذلك غالبًا، ويشترك كل من الكافر والعاصي في مشروعية مكالمته بالدعاء إلى الطاعة
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما المشروع ترك المكالمة بالموادة ونحوها”

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (23/ 354) :” وَالْفَاسِقُ
وَالْمُبْتَدِعُ صَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ فَإِذَا صَلَّى الْمَأْمُومُ خَلْفَهُ
لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنْ إنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ لِأَنَّ
الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ
مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَةً أَوْ فُجُورًا لَا يُرَتَّبُ إمَامًا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ
يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا أَمْكَنَ هَجْرُهُ حَتَّى يَتُوبَ
كَانَ حَسَنًا وَإِذَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ إذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ وَصَلَّى
خَلْفَ غَيْرِهِ أُثِرَ ذَلِكَ حَتَّى يَتُوبَ أَوْ يُعْزَلَ أَوْ يَنْتَهِيَ النَّاسُ
عَنْ مِثْلِ ذَنْبِهِ . فَمِثْلُ هَذَا إذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ كَانَ فِيهِ
مَصْلَحَةٌ وَلَمْ يَفُتْ الْمَأْمُومَ جُمُعَةٌ وَلَا جَمَاعَةٌ”

وقد نقل غير واحد الإجماع على هجران أهل البدع كابن قدامة والصابوني وأبو
يعلى والبغوي وابن عبد البر وشيخ الإسلام وغيرهم كثير بل قطع غير واحد من الأئمة بوجوب
ذلك

والنصوص في ذلك كثيرة جداً معروفة لطلبة العلم والمراد هنا التنبيه

وإيجابه الرفق في نصح المتبرجة ليس لازماً

قال أحمد في مسنده 7083 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي،
يَقُولُ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ هِلَالٍ الصَّدَفِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ،
يَقُولَانِ: سَمِعْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى سُرُوجٍ، كَأَشْبَاهِ
الرِّحَالِ، يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ،
عَلَى رُءُوسِهِمْ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ، الْعَنُوهُنَّ، فَإِنَّهُنَّ
مَلْعُونَاتٌ، لَوْ كَانَتْ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَخَدَمْنَ نِسَاؤُكُمْ
نِسَاءَهُمْ، كَمَا يَخْدِمْنَكُمْ نِسَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ .

وهذا الحديث فيه ضعف عندي لحال عبد الله بن عياش غير أن  الألباني
يحسنه وعهدي بمحمد حسان أنه يقلد  الألباني فتأمل قوله ( العنوهن فإنهن ملعونات
) واللعن ليس كلمة رقراقة لطيفة

وأما جعله نصح أهل البدع دائماً بلطف فهذا غلط وخلاف طريقة السلف في التعامل
معهم وأنهم كان يشتدون عليهم ويعتبرون الشدة منقبة ، والنصوص التي استفاد منها السلف
الشدة مع أهل البدع كثيرة معروفة لدى طلبة العلم والمراد هنا التنبيه

فمن ذلك حديث ( بئس خطيب القوم أنت )

وقول عمر ( قاتل الله سمرة )

وقول ابن عباس في نوف ( كذب عدو الله )

وغيرها من النصوص مع من هم ليسوا من أهل البدع فكيف بأهل البدع وعلى هذا
دأب السلف رضوان الله عليهم في تعاملهم مع أهل البدع

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم