من تلاعب الشيطان بأهل البدع في باب المنامات

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال البخاري في صحيحه [  6990 ]:

 حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ
أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ
قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ

ورؤيا المؤمن تسره ولا تغره ، وقد تلاعب الشيطان بأهل البدع في هذا
الباب وأوهمهم صحة ما هم فيه بتخييلات منامية ، والحق أوضح من أن يستدل عليه بمنامات
وإنما يستأنس بها

قال حمود التويجري في كتاب الرؤيا ص196 :

” ومما ينبغي التنبيه عليه والتحذير من التصديق به ما يزعمه التبليغيون
من الأحلام التي يملئون بها بياناتهم ويعمرون بها مجالسهم ومجتمعاتهم في المساجد وغير
المساجد.

 ويظهر على بعضها أنها من تلاعب
الشيطان بهم ليفتنهم بما زينه لهم من البدع والضلالات والجهالات التي منشؤها من الأخذ
بالمذاهب الصوفية المبتدعة والانحراف عن عقائد أهل السنة والجماعة ومذاهبهم في الأصول
والفروع.

ومن القصص الغريبة من أحلام التبليغيين وتلاعب الشيطان بهم في اليقظة
والمنام ما ذكره الأستاذ سيف الرحمن بن أحمد الدهلوي في صفحة (39) من كتابه المسمى
“نظرة عابرة اعتبارية، حول الجماعة التبليغية” حيث قال:

 ما ملخصه: وإن من غريب مضار
الجهل ما حدث بالهند وباكستان من بعض أهل الدين والصلاح والتقى حيث رأوا في المنام
أنهم ذبحوا – أو يذبحون – بعض أولادهم الذكور خاصة، فلما أصبحوا ظنوا منامهم إلهامًا
وأمرًا وابتلاءً لهم من الله، فقاموا وأنجزوا ما أمروا به في زعمهم فذبحوا أبناءهم
من أصلابهم كما يذبح الكبش مطرحًا وهو ينظر.

 وأحسنوا ذبحتهم في زعمهم واحتسبوهم
وأحسنوا احتسابهم في زعمهم، فيا لهول المنظر ويا لفظاعة الجهل.

 ولما أخذوا ونوقشوا قالوا:
لم نأت إمْرًا، ولم نحدث نكرًا، وإنما أنجزنا ما أمرنا به واتبعنا فيه سنة سيدنا إبراهيم
عليه السلام.

 ولا يعلمون أن منام الأنبياء
وحي، ومنام الصلحاء بشائر أو أضغاث أحلام ومجرد رؤيا منام أو إضلال شيطان، والسبب في
جهلهم هذا وأمثاله قيادتهم الدينية فهي المسئولة عن جهل الأتباع .

-إلى أن قال-: ولم نسمع بمثل هذه الأحداث في البلاد العربية. فيا لكارثة
العقول وزيغ القلوب، ويا لضياع الدين والدنيا معًا فإنالله وإنا إليه راجعون. انتهى.

 وإذا كانت هذه الكارثة من أفعال
الموصوفين بالدين والصلاح والتقى من التبليغيين فما الظن بمن هو دونهم في هذه الخصال،
فليحذر المؤمن الناصح لنفسه من الاغترار بالتبليغيين والانضمام إليهم فإنهم أهل بدع
وضلالات وجهالات ولا خير فيهم.

ومن الأحلام التي لا شك أنها من تلاعب الشيطان بالجهال ما وقع للفئة
التي فارقت الجماعة وألحدت في الحرم في أول سنة 1400هـ ومنعت الناس من الصلاة في المسجد
الحرام ومن الطواف بالكعبة نصف شهر.

 فقد ذكر عن غير واحد منهم أنهم
رأوا في المنام أن صاحبهم الذي ادعوا فيه المهدية هو المهدي الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخرج في آخر الزمان.

 فكانت النتيجة من هذه الأحلام
الشيطانية أن فارقوا الجماعة وفعلوا الأفاعيل الشنيعة في حرم الله تعالى.

 إلى أن يسر الله القبض عليهم
والحكم عليهم بالإعدام، فغرّهم الشيطان بالأحلام الكاذبة ثم تخلى عنهم

وأسلمهم للقتل. نعوذ بالله من مكايد الشيطان وأضاليله، وهذا آخر ما
تيسر إيراده.

 والحمد لله رب العالمين، وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه

ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين”

ومن الطريف أن القبوري المنتكس علي جمعة له كتاب في الرؤى والمنامات
والاحتجاج بها ذكر فيه الكثير من الشواهد التاريخية على أناس اعتمدوا على المنامات
فكان عاقبة أمرهم خسراً

وقال النووي في شرح صحيح مسلم (1/50) :

” ” مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَام فَقَدْ رَآنِي ” . فَإِنَّ
مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ
وَتَلْبِيسِ الشَّيْطَانِ .

وَلَكِنْ لَا يَجُوز إِثْبَات حُكْم شَرْعِيّ بِهِ لِأَنَّ حَالَة النَّوْم
لَيْسَتْ حَالَةَ ضَبْطٍ وَتَحْقِيقٍ لِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي ، وَقَدْ اِتَّفَقُوا
عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَشَهَادَتُهُ أَنْ يَكُون مُتَيَقِّظًا
لَا مُغَفَّلًا وَلَا سَيِّئَ الْحِفْظِ وَلَا كَثِيرَ الْخَطَأِ وَلَا مُخْتَلَّ الضَّبْطِ
.

 وَالنَّائِم لَيْسَ بِهَذِهِ
الصِّفَة فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ ، هَذَا كُلّه فِي مَنَام
يَتَعَلَّق بِإِثْبَاتِ حُكْمٍ عَلَى خِلَاف مَا يَحْكُمُ بِهِ الْوُلَاةُ .

 أَمَّا إِذَا رَأَى النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُهُ بِفِعْلِ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ
أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَوْ يُرْشِدُهُ إِلَى فِعْلِ مَصْلَحَة فَلَا
خِلَاف فِي اِسْتِحْبَاب الْعَمَل عَلَى وَفْقِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا
بِمُجَرَّدِ الْمَنَام بَلْ تَقَرَّرَ مِنْ أَصْل ذَلِكَ الشَّيْء . وَاَللَّه أَعْلَمُ

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم