قال أحمد في «الزهد»: “2010- حدثنا حسين، حدثنا حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن، أن رسول الله ﷺ قال: «ليخرجن من النار بشفاعة رجل ما هو نبي أكثر من ربيعة ومضر» قال الحسن: وكانوا يرونه أنه عثمان رضي الله عنه أو أويس القرني رضي الله عنه”.
وقال أحمد في مسنده: “22215- حدثنا يزيد، حدثنا حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن أبي أمامة، أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبيٍّ مثل الحيين، أو مثل أحد الحيين، ربيعة ومضر»”.
أقول: هذا الرجل -الذي يشفع لأكثر من ربيعة ومضر- الأقرب أنه عثمان رضي الله عنه، فهو أجل من أويس.
وما سبب قول من قال إنه عثمان؟
السبب والله أعلم أنه نظر في حديث: «المرء مع من أحب»، ومقتضى ذلك أن المرء يوافق من أحبَّه حُباً صادقاً في الله ولو لم تتوافق الأعمال، ولذلك الصحابة فرحوا بالحديث غاية، وقال أنس: «فأنا أحب النبيَّ ﷺ، وأبا بكر، وعمر».
ومقتضى هذا حصول الشفاعة للمحبِّ الصادق.
ونظروا في زمانهم فوجدوا أن عثمان بن عفان رضي الله عنه شخصية فاضلة، ناله ظلم شديد من الخوارج والشيعة، ووالاه أهل السنة موالاة صادقة، ونالهم ما نالهم من أذية هؤلاء، فرأوا أنه مصداق للحديث، وأما الناصبة فكانوا قلة.
واليوم تجد الزيدية والإباضية والشيعة على النيل من هذا الرجل رضي الله عنه.
وقل لي بربِّك من أولى بشفاعة عثمان رضي الله عنه: مَن وقف أمام هؤلاء وتبرَّأ منهم ونصح لهم واشتد غضبه لذي النورين؛ أمَّن صار يبحث عن التقريب معهم ويذهب لشيخ الإباضية ويقبله على رأسه؟
ومنهم من يذهب للرافضة ويقرِّب معهم ويهوِّن من شأن الخلاف، مع أن الأمر ما عاد عثمان فحسب، بل صار عموم الصحابة، بل صار الأمر توحيداً وشركاً.
فمن أولى بشفاعة الصحابة ككل؟
من والى وعادى عليهم وأظهر المحبة، أمَّن جعل الخلاف فيهم أهون من الخلاف السياسي مع محبته لهم أو جعله خلافاً هيناً مع إظهار المحبة بالجملة؟
هذا غير طائفة المتكلمين الذين طعنوا في عقائد الصحابة وزعموا أن النبي ﷺ ما علَّمهم التنزيه كما ينبغي، وتركهم على مجملات لا تفيد تحقيق التوحيد، وإنما تحقيق التوحيد في كلام أئمتهم المتكلمين الذي أخذوه من اليونان!
فمَن أولى الناس بموالاة الصحابة والحشر تحت لوائهم: من اعتقد عقيدتهم ورأى أنهم كانوا على اعتقاد صحيح تفصيلياً، أمَّن رأى طريقه أعلم وأحكم من طريقهم؟
فهذا الخبر فضيلة لأهل الحديث والأثر لو تأمَّلناه.
وكذلك حقَّق الولاء لعثمان رضي الله عنه من لم يُكدِّر الولاء له بالعداء لغيره من الصحابة من بدر والهجرة والقرابة.