مقدار إطعام المسكين في كفارة اليمين

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن المسائل الحيوية المهمة مسألة كفارة اليمين ، والمتفق عليه فيها عتق
رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم

ولكن كم يطعم كل مسكين ؟!

ذهب جماعة من الصحابة إلى أنه يطعمه مداً من طعام

قال ابن أبي شيبة في المصنف 12334: حدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، وَابْنُ
إدْرِيسَ ، عَنْ دَاوُدَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ
: مُدٌّ رَيْعُهُ إدَامُهُ.

12335: حدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ
، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ لِكُلِّ
مِسْكِينٍ.

12336: حدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ،
عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ إذَا حَنِثَ أَطْعَمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ
، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ بِالْمُدِّ الأَوَّلِ.

وهذه أسانيد صحاح إلى ابن عباس زيد بن ثابت وابن عمر ، ومأخذ القياس ليس
واضحاً في قولهم

ومد الطعام يساوي نصف كيلو جرام وثمانية جرامات

وإذا قلنا أن المد من البر بمدين من غيره ، يكون نصف مد من بر يقوم مقام
المد من الحنطة

قال ابن أبي شيبة في المصنف12323: حدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرِِ
، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ لِي
عُمَرُ : إنِّي أَحْلِفُ أَلاَّ أُعْطِي أَقْوَامًا شَيْئًا ، ثُمَّ يَبْدُو لِي فَأُعْطِيهِمْ
، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ، بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ
صَاعٌ مِنْ بُرٍّ ، أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ.

هذا الأثر قد يفهم منه مخالفة الآثار السابقة فإن عمر هنا أخرج نصف صاع
من بر ، ونصف الصاع مدين

غير أن هذا الأثر محمول على الاحتياط والزيادة والتطوع فإنه أخرج أيضاً
صاعاً من تمر وعامة الفقهاء لا يلزمون بصاع من تمر ، وإنما يلزمون بنصف الصاع قياساً
على فدية الأذى في الحج

بل عامتهم يقولون بأن المد من البر يجزيء عن نصف صاع من غيره

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 12321: حدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي
لَيْلَى ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِمَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ
، قَالَ : كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ، كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفُ
صَاعٍ.

ابن أبي ليلى ضعيف

وقد ذهب شيخ الإسلام إلى أن الإطعام راجع إلى العرف وهذا مذهب مالك وقياس
أصول أحمد وهذا مذهب قوي ، غير أن آثار الصحابة أولى بالأخذ في المسألة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم