لقد أبطل جهاده (ما خشيه أصحاب رسول الله ﷺ وما خشيه سبابتهم)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

جاء في صحيح البخاري من حديث سلمة بن الأكوع في حديث طويل: “فلما تصاف القوم، كان سيف عامر فيه قصر، فتناول به يهوديا ليضربه، ويرجع ذباب سيفه، فأصاب ركبة عامر فمات منه، فلما قفلوا قال سلمة: رآني رسول الله ﷺ شاحبا، فقال لي: «ما لك» فقلت: فدى لك أبي وأمي، زعموا أن عامرا حبط عملُه، قال: «من قاله؟» قلت: قاله فلان وفلان وفلان وأسيد بن الحضير الأنصاري، فقال رسول الله ﷺ: «كذب من قاله، إن له لأجرين -وجمع بين إصبعيه- إنه لجَاهِدٌ مجاهد، قلَّ عربي نشأ بها مثله»”.

عامر بن الأكوع -رضي الله عنه- صحابي مجاهد مع رسول الله ﷺ، سيفُه ارتد عليه فقتله، فرأى جماعة من الصحابة أنه قتل نفسه، فظنوا أن جهاده قد بطل وأن عمله قد حبط، لأنه فيما يرون قتل نفسه.

فلما أخبر  سلمة رسولَ الله ﷺ بما ظنه جماعة من الصحابة رد عليهم بأن له أجرين وأنه مجاهد جاهِد (فما حصل لم يكن بيده).

فهذا مجاهد مع رسول الله ﷺ ومات وهو يقاتل معه، وخافوا عليه حبوط عمله بقتل نفسه، فكيف بمجرم رافضي قتل ما لا يحصيه إلا الله من النساء والأطفال والعُزَّل من أهل السنة في سوريا، وأيَّد سفاحاً نصيرياً قلَّ له نظير في الزمن المعاصر في الإجرام والفتك بشعبه.

فإذا تغاضينا عن شركه وكثرة دعائه للحسين (والشرك محبط لكل عمل) وتغاضينا عن الإيمان بالولاية التكوينية وعصمة الأئمة وفضلهم على الأنبياء وتخوين جمهور الصحابة، فأين نذهب من هذا؟

وقال النسائي في سننه: “4195- أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا بحير، عن خالد بن معدان، عن أبي بحرية، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله ﷺ قال: «الغزو غزوان: فأما من ابتغى وجه الله وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، واجتنب الفساد، فإن نومه ونبهته أجر كله، وأما من غزا رياء، وسمعة وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لا يرجع بالكفاف»”.

تأمَّل قوله: «وأفسد في الأرض»، فالإفساد بقتل المسلمين من محبطات أجر الجهاد، هذا إن كان المجاهد موحداً. 

وقد قال الله تبارك وتعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [النساء].

ورأس الصديقين أبو بكر ورأس الشهداء عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.

وفي حديث رسول الله ﷺ: «المرء مع من أحب».

قال الخلال في «السنة»: “759- أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: حدثني عبد الصمد، قال: قال  بشر: قال عبد الله بن إدريس: «لو أن الروم سبوا من المسلمين من الروم إلى الحيلة ثم ردهم رجل في قلبه شيء على أصحاب محمد ﷺ ما قبل الله منه ذلك»”.

فكأن ابن إدريس يريد أن يقول إن من لم يوال رؤوس الشهداء فلا نصيب له من أجر المجاهدين والشهداء.

وبعض الناس يتكلم في أن النصراني واليهودي خير له أن يصير رافضياً، وفقه الواقع أن ما يقع اليوم من تلميع للرافضة عند بعض الناس يتشيع به السني ولا يسلم به اليهودي والنصراني. 

وبعضهم ينزل الوعيد في تكفير المسلم على من كفَّر رافضياً، وأن فقه الواقع في أنه لا ينبغي أن نخوِّف المسلم من تكفير الواقع في الكفر أو الموالي لطائفة كفرية دون البراءة من كفرياتها، التي قيل في بعضها: لا شك في كفر من شك في كفره.

ولا نخوِّف الواقع في الكفر نفسه ومن لا يعاديه على كفره بل يواليه ويُعظِّمه على أهل التوحيد والاستقامة!

وبعضهم يتحدث عن أن التكفير لا يقع إلا بقاض، وهل كان الأئمة مالك والشافعي وأحمد والبخاري وغيرهم قضاة حين حكموا على العديد من الناس بالكفر بأعيانهم؟ وأم المؤمنين ما احتاجت قاضياً حين حكمت على من قال إنها ليست له بأم بأنه منافق.

وحجة الله عز وجل ليست مقتصرة على سيف القضاء، فكثير من الأنبياء ما كانوا مُمَكَّنين وأقاموا الحجة بالبيِّنات، ولو طردنا تأصيل هذا المتحدث لم نكفِّر القائل بتحريف القرآن وقذف أمهات المؤمنين إلا بحكمِ قاض، وهذا قبيح غاية.