قال المقريزي في الخطط ( المواعظ والاعتبار ) :” قال القاضي الفاضل في متجدّدات حوادث سنة أربع وتسعين وخمسمائة: ونهى عن ركوب المتفرّجين في المراكب في الخليج، وعن إظهار المنكر، وعن ركوب النساء مع الرجال، وعلّق جماعة من رؤساء المراكب بأيديهم. قال: وفي يوم الأربعاء تاسع عشر رمضان، ظهر في هذه المدّة من المنكرات ما لم يعهد في مصر في وقت من الأوقات، ومن الفواحش ما خرج من الدور إلى الطرقات، وجرى الماء في الخليج بنعمة الله تعالى بعد القنوط، ووقوف الزيادة في الذراع السادس عشر، فركب أهل الخلاعة وذوو البطالة في مراكب في نهار شهر رمضان ومعهم النساء الفواجر، وبأيديهنّ المزاهر يضربن بها، وتسمع أصواتهنّ ووجوههنّ مكشوفة، وحرفاؤهنّ من الرجال معهنّ في المراكب لا يمنعون عنهنّ الأيدي ولا الأبصار، ولا يخافون من أمير ولا مأمور شيئا من أسباب الإنكار، وتوقع أهل المراقبة، ما يتلو هذا الخطب من المعاقبة.
وقال جامع سيرة الناصر محمد بن قلاوون: وفي سنة ست وسبعمائة، رسم الأميران بيبرس وسلار بمنع الشخاتير والمراكب من دخول الخليج الحاكميّ والتفرّج فيه، بسبب ما يحصل من الفساد والتظاهر بالمنكرات اللاتي تجمع الخمر آلات الملاهي، والنساء المكشوفات الوجوه المتزينات بأفخر زينة، من كوافي الزركش والقنابيز والحلي العظيم، ويصرف على ذلك الأموال الكثيرة، ويقتل فيه جماعة عديدة، ورسم الأميران المذكوران لمتولي الصناعة بمصر، أن يمنع المراكب من دخول الخليج المذكور إلّا ما كان فيه غلة أو متجرا وما ناسب ذلك، فكان هذا معدودا من حسناتهما، ومسطورا في صحائفهما”
ومثله ما رواه شمس الدين محمد بن طولون، عن ناصر الدين ابن شبل المحتسب أنه في سنة 830 هـ (أنكر على النساء لبس الطواقي، ومنعهن، وبالغ حتى أحرق بعض القصع على رؤوسهن بما عليها من المناديل، فامتنع النساء من الخروج)
يبدو أنها كالأسنمة التي توضع على الرؤوس هذه الأيام
ومثل ذلك رواه ابن إياس في حوادث سنة 751 من أن السلطان الملك الناصر أبا المحاسن حسن بن الملك الناصر محمد بن المملوك المنصور قلاوون (أبطل ما أحدثه النساء من القمصان التي خرجت في كبر أكمامها عن الحد، وأبطل ما أخرجوه من الأزر الحرير والأخفاف الزركش؛ فأشهروا المناداة في القاهرة بإبطال ذلك، فرجعت النساء عن ذلك)
وقال محمد بن محمد بن أحمد بن أبي زيد بن الأخوة، القرشي المتوفى (المتوفى: 729هـ) في معالم القربة في مطالب الحسبة :” وَالنِّسَاءُ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَشَدُّ تَهَالُكًا مِنْ الرِّجَالِ، وَلَهُنَّ مُحْدَثَاتٌ مِنْ الْمُنْكَرِ أَحْدَثَهَا كَثْرَةُ الْإِرْفَاهِ وَالْإِتْرَافِ وَأُهْمِلَ إنْكَارُهَا حَتَّى سَرَتْ فِي الْأَوْسَاطِ وَالْأَطْرَافِ فَقَدْ أَحْدَثْنَ الْآنَ مِنْ الْمَلَابِسِ مَا لَا يَخْطِرُ لِلشَّيْطَانِ فِي حِسَابٍ، وَتِلْكَ لِبَاسُ الشُّهْرَةِ الَّتِي لَا يَسْتَتِرُ مِنْهَا إسْبَالُ مِرْطٍ، وَلَا أَدْنَى جِلْبَابٍ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُنَّ يَعْتَصِبْنَ عَصَائِبَ كَأَمْثَالِ الْأَسْنِمَةِ، وَيَخْرُجْنَ مِنْ جَهَارَةِ أَشْكَالِهَا فِي الصُّورَةِ الْمُعَلَّمَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِمَا وَرَدَ عَنْهُ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَجَعَلَ صَاحِبَهَا مَعْدُودًا مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ النَّارِ”
وقال ابن كثير في البداية والنهاية متحدثاً عن دمشق في زمانه :” وَفِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ جِهَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ – حَرَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى – فِي الْبَلَدِ أَنَّ النِّسَاءَ يَمْشِينَ فِي تَسَتُّرٍ، وَيَلْبَسْنَ أُزُرَهُنَّ إِلَى أَسْفَلَ مِنْ سَائِرِ ثِيَابِهِنَّ، وَلَا يُظْهِرْنَ زِينَةً وَلَا يَدًا، فَامْتَثَلْنَ ذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ”