فهل شكرنا نحن النعمة ؟

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الإمام مسلم في صحيحه 5363- [140-2038]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ
، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،
قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ ،
أَوْ لَيْلَةٍ ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقَالَ : مَا
أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالاَ : الْجُوعُ يَا
رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : وَأَنَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لأَخْرَجَنِي
الَّذِي أَخْرَجَكُمَا ، قُومُوا ، فَقَامُوا مَعَهُ ، فَأَتَى رَجُلاً مِنَ
الأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ ،
قَالَتْ : مَرْحَبًا وَأَهْلاً ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيْنَ فُلاَنٌ ؟ قَالَتْ : ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ
الْمَاءِ ، إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِيُّ ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا
أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي ، قَالَ : فَانْطَلَقَ ، فَجَاءَهُمْ
بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ ، فَقَالَ : كُلُوا مِنْ هَذِهِ ،
وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : إِيَّاكَ ، وَالْحَلُوبَ ، فَذَبَحَ لَهُمْ ، فَأَكَلُوا مِنَ
الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا ، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا ،
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ :
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا
حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ.

أقول : الله أكبر ، والله إن ما أكله صلى
الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لا يقارن ببعض ما يأكله من نعتبره فقيراً اليوم فهل
شكرنا النعمة وهل وعظنا أنفسنا بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم للصديق والفاروق
عندما قال ( لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)

وهل أعددنا جواباً لهذا السؤال ؟

وهل كففنا عن التبذير والاسراف خوفاً من
هذا السؤال ؟

وفي هذا الحديث فوائد جمة

منها أن ما يصيب المرء من فقر أو فاقة لا
يكون دليلاً على ذله وهوانه على الله عز وجل فهؤلاء خير ثلاثة على وجه الأرض آنذاك
يخرجهم الجوع من بيوتهم ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشد الحجر على بطنه من
الجوع في بعض الغزوات

ومنها مشروعية التعرض للمكفي من قبل
الفقير أو الجائع

ومنها الفرح بخدمة أهل العلم والصلاح لقول
الصحابي ( الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي) ،
والفرح بزيارتهم

ومنها مشروعية قولك للضيف ( مرحباً وأهلاً
)

ومنها تنبيه المضيف ألا يتكلف للضيف بما يشق
عليه فيما بعد لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاري ( إياك والحلوب )

ومنها أفضلية تقديم أكل الفاكهة أو الرطب
على أكل اللحم ، وهذا عند الأطباء هو الأفضل خلافاً للمشهور عند العامة

ومنها تسمية الشبع والري ( نعيماً ) وفيه
الإشارة إلى القناعة بهذا وعدم التطلع إلى الزائد عليه

قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

وقد فسر جماعة من السلف الحياة الطيبة
بالقناعة

ومنها مشروعية الزيارة من غير موعد سابق

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم