فائدة في قوله تعالى : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمن المشهور عند الناس أن حملة العرش الآن أربعة ويصيرون يوم القيامة ثمانية
اعتماداً على قوله تعالى : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )

غير أنه مما لا يتبادر إلى أذهان كثيرين ما ذهب إليه عدد من السلف أن المقصود
بقوله ( ثمانية ) ثمانية صفوف من الملائكة

قال عبد الله بن أحمد في السنة 1065 : حدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي
، نا يعقوب يعني القمي ، عن جعفر بن دينار ، وهو ثقة ، عن سعيد بن جبير ، ( ويحمل عرش
ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) قال :   ثمانية صفوف من الملائكة .

جعفر بن دينار هو ابن أبي المغيرة وهذا إسناد قوي إلى سعيد

وقال الطبري في تفسيره (23/ 228) : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ:
ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ
ثَمَانِيَةٌ}

 قَالَ: ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ
الْمَلَائِكَةِ

ابن حميد متهم

وقال الطبري في تفسيره حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:
{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}  قَالَ بَعْضُهُمْ:

 ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ لَا يَعْلَمُ
عِدَّتَهُنَّ إِلَّا اللَّهُ.

فيه إبهام وقد ورد عن ابن عباس من طريق العوفيين

وقال عبد الرزاق في تفسيره 3312 : عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الْكَلْبِيِّ
, فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}
 قَالَ:  ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ.

الكلبي رافضي غير أن تفسيره يوافق تفسير سعيد

واختار غير هؤلاء أنهم ثمانية أملاك فقط وليس ثمانية صفوف

قال الحاكم في المستدرك 3848: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْمَيْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {وَيَحْمِلُ
عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} قَالَ : ثَمَانِيَةُ أَمْلاَكٍ
عَلَى صُورَةِ الأَوْعَالِ بَيْنَ أَظْلاَفِهِمْ إِلَى رُكَبِهِمْ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ
وَسِتِّينَ سَنَةً.

هذا حديث الأوعال المشهور والبحث في صحته معروف

وصح اختيار أنها ثمانية أملاك عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم

والأرجح عندي قول سعيد بن جبير ومن وافقه لأن السياق لا يدل عليه فاحتمال
التوقيف فيه قوي.

 ولم أجد من خالفه من أهل طبقته
، والحديث الذي خالف قوله متكلم في صحته

وأما عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فهو متروك الحديث وليس من طبقة التابعين
بل من أتباع التابعين

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم