فقد أخبرني أحد الإخوة الأفاضل أن ياسراً الخبيث أصدر حلقات في بعض وسائل
الإعلام يطعن فيه في الصحابة الكرام
وكان مما قاله أن الخبيث أن الصحابة
تزوجوا بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
واحتج الخبيث لذلك بما ورد في
بعض الكتب أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج قتيلة بنت قيس أخت الأشعث بن قيس ، ثم
تزوجها عكرمة بن أبي جهل بعد وفاته.
والرد على هذا التلبيس الخبيث؛ أن الروايات جاء فيها أن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يدخل بها، بل ارتدت ولحقت بقومها ، لذا لم تكن من أمهات المؤمنين .
وإليك الروايات وجميعها مدارها على داود بن أبي هند :
قال الطحاوي في بيان مشكل الآثار (2/105) حدثنا إبراهيم بن أبي داود حدثنا
عبد الرحمن بن المبارك حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى حدثنا داود ابن أبي هند عن عكرمة
عن ابن عباس أن رسول الله عليه السلام تزوج قتيلة بنت الأشعث
وقال أيضاً حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي عن عباد وهو ابن العوام عن داود
بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج قتيلة فارتدت
مع قومها
وقال أبو نعيم في معرفة الصحابة 6849 : حدثنا علي بن أحمد بن أبي غسان
، ثنا محمد بن خالد بن يزيد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، ثنا عبد الأعلى
، ثنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج
قتيلة أخت الأشعث بن قيس ، فمات قبل أن يخيرها ، فبرأها الله منه .
وقد اختلف عليه فرواه حماد بن سلمة وعبد الوهاب عن داود عن الشعبي وذكر
قصة عكرمة بن أبي جهل:
وقال الطحاوي (2/105) حدثنا حماد بن سلمة عن داود عن الشعبي :
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم تزوج قتيلة بنت قيس ومات عنها ثم تزوجها
عكرمة بن أبي جهل فأراد أبو بكر أن يقتله فقال له عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يحجبها ولم يقسم لها ولم يدخل بها وارتدت مع أخيها عن الإسلام وبرئت من الله تعالى
ومن رسوله فلم يزل به حتى تركه
وقال أبو نعيم في معرفة الصحابة 6850 : حدثنا محمد بن علي ، ثنا الحسين
بن أبي معشر ، ثنا محمد بن الوليد البسري ، ثنا عبد الوهاب ، ثنا داود ، عن عامر
أن النبي صلى الله عليه وسلم ملك
بنت الأشعث قتيلة ، وتزوجها عكرمة بن أبي جهل بعد ذلك ، فشق ذلك على أبي بكر مشقة شديدة
فقال له عمر : يا خليفة رسول الله
، إنها ليست من نسائه ، ولم يخيرها النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يحجبها ، وقد برأها
الله منه بالردة التي ارتدت مع قومها ، فاطمأن أبو بكر وسكن .
أقول : هذه الرواية الوحيدة التي فيها زواج عكرمة بن أبي جهل من قتيلة
وهي منقطعة فإن الشعبي لم يدرك أبا بكر وعمر وعكرمة مات قبل عمر
فإن صحهها الرافضي كانت حجةً عليه
فإن عمر ذكر الحجة في أنها غير معدودة في أمهات المؤمنين وهي أن النبي صلى الله عليه
وسلم لم يحجبها ولم يخيرها ، وقد ارتدت فبرأها الله منها ، والذي يظهر أنه لم يدخل
بها.
قال الطحاوي في بيان مشكل الآثار (2/152) :” ففي هذا الحديث أن أبا
بكر أراد أن يقتل عكرمة لما تزوج هذه المرأة لأنها كانت عنده من أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم اللاتي كن حرمن على الناس بقول الله تعالى وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله
الآية وأن عمر أخرجها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بردتها التي كانت منها إذ
كان لا يصلح لها معها أن تكون أماً للمسلمين “
وإن ضعفها سقطت شبهته من الأصل ، فهي الرواية الوحيدة التي فيها ذكر زواج
عكرمة من قتيلة
وقال الحاكم 6817 : أخبرني مخلد بن جعفر الباقرحي ثنا محمد بن جرير قال
: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى : ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قدم عليه
وفد كندة قتيلة بنت قيس أخت الأشعث بن قيس في سنة عشرة ثم اشتكى في النصف من صفر ثم
قبض يوم الإثنين ليومين مضيا من شهر ربيع الأول و لم تكن قدمت عليه و لا دخل بها و
وقت بعضهم وقت تزويجه إياها فزعم أنه تزوجها قبل وفاته بشهر و زعم آخرون أنه تزوجها
في مرضه و زعم آخرون أنه أوصى أن يخير قتيلة فإن شاءت فاختارت النكاح فزوجها عكرمة
بن أبي جهل بحضرموت فبلغ أبا بكر فقال : لقد هممت أن أحرق عليهما فقال عمر بن الخطاب
: ما هي من أمهات المؤمنين و لا دخل بها النبي صلى الله عليه و سلم و لا ضرب عليها
الحجاب و زعم بعضهم أنها ارتدت.
أقول : وهذا السند منقطعٌ انقطاعاً شديداً
والذي يبدو أن معمر بن المثنى
أخذ الروايات السابقة وذكرها ، فإنه من طبقة عن أتباع التابعين
ويبقى أن في القلب شيء من الإختلاف
على داود بن أبي هند فإنه وإن كان ثقةً
فقد قال الإمام أحمد :” كان كثير الاضطراب والخلاف “
ونص ابن حبان على أنه يهم إذا
حدث من حفظه.
وقد روي عنه من وجه ثالث معضلاً :
قال ابن سعد في الطبقات (8/147) :” أخبرنا المعلى بن أسد عن وهيب
عن داود بن أبي هند أن النبي، صلى الله عليه وسلم، توفي وقد ملك امرأة من كندة يقال
لها قتيلة فارتدت مع قومها فتزوجها بعد ذلك عكرمة بن أبي جهل فوجد أبو بكر من ذلكوجداً
شديداً. فقال له عمر: يا خليفة رسول الله إنها والله ما هي من أزواجه ما خيرها ولا
حجبها ولقد برأها الله منه بالارتداد الذي ارتدت مع قومها”
ونص ابن حجر في التلخيص الحبير على أن ما وقع له هنا من قبيل الإختلاف
، حيث قال في (3/139) :” نعم روى أبو نعيم في المعرفة في ترجمة قتيلة من حديث
داود عن الشعبي مرسلا وأخرجه البزار من وجه آخر عن داود عن عكرمة عن بن عباس موصولا
وصححه بن خزيمة والضياء من طريقه في المختارة”.
وذكر ابن سعد في الطبقات (8/219) عن جماعة من العلماء أنهم أنكروا زواج
النبي صلى الله عليه وسلم من قتيلة بنت قيس.
ومن الطريف الجدير بالذكر أن محمد بن عمر الواقدي صاحب المغازي قد ضعف
هذه الرواية
فقال ابن سعد في الطبقات
(8/146) :” قال محمد بن عمر: وقد سمعت من يقول تزوجها عكرمة بن أبي جهل في الردة
ولم يكن وقع عليها حجاب رسول الله، وليس ذلك يثبت”.
وجاء عن الزهري إنكار زواجه بها في الطبقات ولكنه من طريق الواقدي وهو
متهم بالكذب.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم