فقد بلغني عن بعض الأخوة أن يقول ( خروج ناقة صالح من الصخرة إسرائيلية
)!
والحق أن هذا خبر صحيح ينبغي لكل مسلم أن يعتقده
قال عبد الرزاق في تفسيره 911 – عَنْ إِسْرَائِيلَ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ
بْنِ رُفَيْعٍ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , قَالَ: ” قَالَتَ ثَمُودُ يَا صَالِحُ:
ائْتِنَا بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ , فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: اخْرُجُوا
إِلَى هَضْبَةٍ مِنَ الْأَرْضِ , فَخَرَجُوا فَإِذَا هِيَ تَمَخَّضُ كَمَا تَمَخَّضُ
الْحَامِلُ , ثُمَّ إِنَّهَا انْفَرَجَتْ فَخَرَجَ مِنْ وَسَطِهَا النَّاقَةُ , فَقَالَ
لَهُمْ صَالِحٌ: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ
اللَّهِ , وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأعراف:
73] لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ , فَلَمَّا مَلُّوهَا عَقَرُوهَا
, فَقَالَ لَهُمْ: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ
مَكْذُوبٍ} [هود: 65] قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ آخَرُ ” أَنَّ
صَالِحًا , قَالَ لَهُمْ: إِنَّ آيَةَ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ أَنُ تُصْبِحُوا
غَدًا حُمْرًا , وَالْيَوْمَ الثَّانِي صُفْرًا , وَالْيَوْمَ الثَّالِثِ سُودًا ,
قَالَ: فَصَبَّهُمُ الْعَذَابُ , فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ تَحَنَّطُوا وَاسْتَعَدُّوا
“
وهذا إسناد قوي والهضبة هي ( الهَضْبَةُ كلُّ جَبَلٍ خُلِقَ من صخرةٍ واحدةٍ
وقيل كلُّ صخرةٍ راسيةٍ صُلْبةٍ ضَخْمةٍ هَضْبةٌ) كما في لسان العرب
وأبو الطفيل صحابي من أصغر الصحابة وهو آخرهم موتاً وقد تتلمذ عند علي
بن أبي طالب وله عنه أخبار في التفسير ، وهو وعلي لا يعرفان بالأخذ عن بني إسرائيل
ولم يكن صالح من أنبياء بني إسرائيل حتى يذكر بالتوراة ، التي تذكر بني
إسرائيل ومن جاء قبلهم !
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 481) :”
وَفِيمَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ نَظَرٌ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَبَرٌ مُسْتَأْنَفٌ
مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الأمة، فإنه قد قيل:
إِنَّ قِصَّةَ عَادٍ وَثَمُودَ لَيْسَتْ فِي التَّوْرَاةِ، فَلَوْ كَانَ
هَذَا مِنْ كَلَامِ مُوسَى لِقَوْمِهِ وقَصَه عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنْ تَكُونَ
هَاتَانِ الْقِصَّتَانِ فِي “التَّوْرَاةِ”، وَاللَّهُ أَعْلَمُ”
والتوراة التي بين أيدينا لا ذكر فيها لصالح أو هود عليهما الصلاة والسلام
مما يؤيد ما ذكر ابن كثير ، ولو لم تجد هذه القرينة لكان الجزم بكون هذا الخبر إسرائيلية
مجازفة لما وصفت من حال أبي الطفيل
وقد أنكر محمد رشيد رضا هذا الخبر فقال في تفسير المنار (8/ 447)
:” وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ يُحْتَجُّ بِهِ فِي خَلْقِ النَّاقَةِ مِنَ الصَّخْرَةِ
أَوْ مِنْ هَضْبَةٍ مِنَ الْأَرْضِ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ “
فمع علمه بأنه مروي عن الصحابي وثابت عنه يجزم بعدم صحته ، فليحذر السني
من متابعة هذا العقلاني على نهجه الخطير في التعامل مع الآثار
وقد نظرت في التفاسير فما وجدت أحداً سبق محمد رشيد رضا إلى إنكار هذا
الأمر فحتى الزمخشري والرازي أوردا الأخبار في ذلك ولم يتعقباها بشيء
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم