خروجا من الخلاف
هذه كلمة كان يعلل بها بعض الفقهاء اختيارات لهم تخالف مشهور المذهب إذا كان مذهبهم الاستحباب مثلاً ومذهب الآخرين الوجوب وكان عند الآخرين أدلة قوية
أو كان الآخرون هم الجمهور وهذا القول من أفراد المذهب عندهم فإنك إن فعلت الواجب أو المستحب فأنت مأجور ولكنك في ترك الواجب تأثم فيقولون افعل خروجا من الخلاف
والأمر نفسه في مثال الحرام والمكروه بشرط قوة الخلاف وهذا ليس تحجيراً بل تورعاً وعملاً بالحديث ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )
مثال لما ذكرت ما جاء في النجم الوهاج للدميري وعدد من كتب الشافعية :” (ومسح كل رأسه)؛ لأنه أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخروجا من الخلاف”
مشهور المذهب عندهم إجزاء مسح بعض الرأس في الوضوء غير أنهم راعوا الخلاف القوي وجعلوا معتمد المذهب مسح الرأس كله خروجاً من الخلاف
وأما اليوم فيأتي البعض لمسائل فيها شبهة إجماع ويبحث عن قول شاذ ليحييه وهو خلاف الورع ثم لا يكتفي بهذا حتى يسفه أحلام الفقهاء ويظهر قولهم على أنه سوأة وتقييد ويهيج العوام عليه وما به اتباع فقيه وإنما هو سير خلف ثقافة غالبة لأناس على غير ديننا أصلاً
واليوم بعض المتمذهبين يسير على عكس هذا بل يجعل الخلاف حجة ويوحي للعوام بالسير على منهج تتبع الرخص وأن مسلك الخروج من الخلاف هو من مسالك المتشددين المتنطعين