حيلة الزنادقة في قوالبهم

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الجاحظ في كتاب الحيوان :” وقال إبراهيم بن السّنديّ مرة: وددت أنّ الزنادقة لم يكونوا حرصاء على المغالاة بالورق النقيّ الأبيض، وعلى تخيّر الحبر الأسود المشرق البرّاق، وعلى استجادة الخطّ والارغاب لمن يخطّ، فإنّي لم أر كورق كتبهم ورقا، ولا كالخطوط التي فيها خطّا”

أقول : إنما يجتهد الزنادقة آنذاك هذا الاجتهاد لنفرة النفوس عما يكتبون فيعوضون هذه النفرة بتزيين الكتب عسى أن يحصلوا بها راغباً

ولم يثمر ذلك كثيراً آنذاك لعناية غالب الناس بالمضمون أكثر من القوالب وأما اليوم فقد انقلب الأمر انقلاباً عظيماً حتى صار تزيين القالب ضرورة لا يستغنى عنها لتنفق مادتك مهما كان المضمون نفيساً وقوياً

والقالب لم يعد مقتصراً على الحبر والورق والتجليد بل مع دخول ثقافة الصورة صار متعلقاً بملبسك وطريقة أداءك حتى أن تحولك إلى مهرج يعد من محسنات القالب