جواب لغز تسلُّط الأعداء في آية {وكذلك نجزي المفترين}
قال تعالى: {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين} [الأعراف].
من عبدوا العجل ممن ذكر -سبحانه- في هذه الآية قوم رزقهم الله التوحيد والظفر بالأعداء بعد ضلال وذُل.
فأبوا إلا أن يعودوا للشرك؛ فجازاهم الله بعود تسلُّط الأعداء عليهم بعودة الذِّلة عليهم في الدنيا.
وقال سبحانه: {وكذلك نجزي المفترين}.
يعني من كان مثلهم رزقه الله توحيداً وتمكيناً وآل للشرك.
قال الطبري في تفسيره: “١٥١٤٨- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن أيوب قال: تلا أبو قلابة: {سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا} الآية، قال: فهو جزاء كل مفترٍ يكون إلى يوم القيامة: أن يذله الله عز وجل“.
ونزلها جماعة من السلف على أهل البدع، ولا شك أن أولى الناس بها أهل البدع الشركية الذين يعبدون غير الله عز وجل من أولياء ومشاهد وقبور، فهؤلاء أشبه الناس بعباد العجل.
وقد كان من شأن عباد العجل أنهم ما أدركوا النقص في معبودهم.
قال تعالى: {أفلا يرون ألَّا يرجع إليهم قولًا ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا} [طه].
وقد وجد في الأمة من جعل ربَّ العالمين هذه صفته أنه لا يتكلم -تعالى الله- أو عبد مقبوراً لا يرجع إليه قولاً ولا يملك له ضراً ولا نفعاً، ومنهم من جمع الأمرين.
ولو تأملت تسلُّط الأعداء على الأمة بآخرها لوجدته مقروناً بفشوِّ هذا البلاء وانتشاره.
وقد جاء في الحديث «لتتبعن سنن من كان قبلكم» وأهل العجل ممن كان قبلنا، فهذا الحديث يؤيد الفهم السلفي للآية.
فلا بد من الأخذ بالأسباب الحسية في مغالبة الأعداء من إعداد السلاح والبصيرة بمواطن القوة والضعف ومكائدهم.
وكذلك لا بد من الأخذ بالأسباب المعنوية، كمقاومة أشباه عبادة العجل.
والسير على طريق نبي الله موسى في الغضب من ذلك والبراءة منه.
والله عز وجل لا يعذب العامة بذنب الخاصة، غير أن الأمر إذا عم ووقعت المداهنة استُحقت العقوبة.
والدنيا كلها بيد الله فلا يُطلب العز إلا منه، وما تقرِّب إليه بشيء مثل توحيده ومحاربة التنديد.