فقد صنف محمد الأمين بو خبزة التطواني كتاباً أسماه ( نشر الإعلام بمروق
الكرفطي من ملة الإسلام ) ويعني بالكرفطي عبد الله التليدي الصوفي المعروف ، وقام على
نشر كتابه تلميذه عمر الحدوشي
بنى تكفيره للكرفطي في هذا الكتاب على أن الكرفطي يثبت رؤية الله عز وجل
في المنام على صورة آدمي لأن الرؤيا المنامية تأتي تمثيل لا حقيقة
قال محمد الأمين بوخبزة في نشر الإعلام ص25 :”
ومن مشهور النقول المسلمة عن جمهور أئمة الحنفية فتوى قاضيخان في (فتاواه)
أن (من قال: رأيتُ الله تعالى في المنام فهو أشد كفراً من عابد الوثَن)”
وقال في ص26 :” ولما ذكر السعد التفتازاني في (شرح العقائد النسفية)
جواز رؤية الله في المنام وأنها حكيت عن كثير من السلف-وهذا لم يقله السعد تحققاً وإنما
تقليداً لأسلافه كما لا يخفى.
قال: (ولا خفاء في أنها نوع مشاهدة يكون بالقلب دون العين). كتب عليه محشيه
يقول-ص:109-: (يرد عليه أن البديهة تشهد بأن المبصَر في المنام كالمبصَر في اليقظة
من كونه مبصَراً بالعين فإن فعل النوم ضراً للإدراك فلا عبرة بتلك المشاهدة أصلاً.
وإن لم يجعل ضـراً لـه فكما يعتبر بعض الإدراكات يجب أن يعتبر البعض الآخر ولا عبرة
بانتفاء شرائط الإبصار في المبصَر في المنام كما عرفت ذلك). ولا يخلو هذا التعمق من
زلَلٍ فإلى أي ضابط نرجع في تحديد هذا الإدراك المعتبر وتعيينه، أن (المحجة الْبَيْضَاءَ
لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ”
وقال في ص29 :” . وما صح منها-كحديث معاذ، وابن عباس-نؤمن به وأنه
من الخصائص النبوية كالوحي كما لا يخفى”
وقد بنى رسالته كلها على هذا وختمها بالطعن في شيخ الإسلام أنه متأثر بالصوفية
فيما ذكره من إثبات الرؤيا في المنام
والحق أن رؤية الله عز وجل في المنام مجمع عليها ولا ينكرها إلا الجهمية
والمعتزلة وتابعهم بعض متأخري الماتردية كالحنفية الذين اعتمدهم محمد الأمين بو خبزة
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
يرى- أي الله عز وجل- في المنام يحصل للقلوب من المكاشفات والمشاهدات ما
يناسب حالها
ومن الناس من تقوى مشاهدة قلبه حتى يظن أنه رأى ذلك بعينه وهو غالط ومشاهدات
القلوب تحصل بحسب إيمان العبد ومعرفته وصورة مثالية اهـ. (2/336)
وقال في بيان تلبيس الجهمية (1/326) من طبعة مجمع الملك فهد :” وإذا
كان كذلك ، فالإنسان يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حقٌ في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد
أن الله نفسه مثل ما رأى في المنام ، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلاُ
، ولكن لا بد أن يكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه ، فإن كان
إيمانه وإعتقاده حقاً ، أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك ، وإلا كان بالعكس
. قال بعض المشايخ : إذا رأى العبد ربه في صورة ، كانت تلك الصورة حجاباً بينه وبين
الله . وما زال الصالحون يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلاً ينكر ذلك
“
وقال الدارمي في الرد على المريسي (2/ 738) :” وَإِنَّمَا هَذِهِ
الرُّؤْيَةُ كَانَتْ فِي الْمَنَامِ، وَفِي الْمَنَام يُمكن رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى
عَلَى كُلِّ حَال وَفِي كل صُورَة”
ولو أدرك التطواني الدارمي لكفره !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وإذا كان كذلك فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حق
في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام فإن
سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها
مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع
من الكلام ما يناسب ذلك وإلا كان بالعكس قال بعض المشايخ إذا رأى العبد ربه في صورة
كانت تلك الصورة حجابا بينه وبين الله . وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام
ويخاطبهم وما أظن عاقلا ينكر ذلك فإن وجود هذا مما لا يمكن دفعه إذ الرؤيا تقع للإنسان
بغير اختياره وهذه مسألة معروفة وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين
وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم إنكار رؤية الله والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه
في المنام ولكن لعلهم قالوا لا يجوز أن يعتقد أنه رأى ربه في المنام فيكونون قد جعلوا
مثل هذا من أضغاث الأحلام ويكونون من فرط سلبهم ونفيهم نفوا أن تكون رؤية الله في المنام
رؤية صحيحة كسائر ما يرى في المنام فهذا مما يقوله المتجهمة وهو باطل مخالف لما اتفق
عليه سلف الأمة وأئمتها بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم. وليس في رؤية الله في
المنام نقص ولا عيب يتعلق به سبحانه وتعالى وإنما ذلك بحسب حال الرائي وصحة إيمانه
وفساده واستقامة حاله وانحرافه .( بيان تلبيس الجهمية 1/73)
وكذا نقل النووي والقرطبي الإجماع على جواز ذلك فيبدو أنه مذهب الأشاعرة
أيضاً
وقد ثبت عن بعض السلف رؤية الله في المنام
قال البغوي في الجعديات
1063 : حدثنا يوسف بن موسى ، نا جرير ، عن رقبة قال :
رأيت رب العزة جل ثناؤه في المنام
، فقال : وعزتي لأكرمن مثواه . يعني سليمان التيمي .
وهذا إسناد قوي ورقبة بن مصقلة من ثقات المحدثين من طبقة كبار أتباع التابعين
وما روى أبو نعيم في الحلية (10/113) : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ،
يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ
شُرَيْحَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: ” رَأَيْتُ رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ
فَقَالَ لِي: يَا شُرَيْحُ، سَلْ حَاجَتَكَ فَقُلْتُ: رُحْمَاكَ يُسْرٌ يُسْرٌ
“
وهذا إسناد صحيح
ومع هذا الغلو العجيب من التطواني ينتقد ردود من رد على سيد قطب وكان ينبغي أن يعظ نفسه في ترك الغلو وليس معنى أننا نخالف الصوفية أن نقبل بهذا النوع من الردود بل له وللحدوشي كلام فيه اتهام للإمام أحمد بالظلم في بعض مسائل التكفير وقد رددت عليه في مقال مستقل اسمه إنه الإمام أحمد يا عمر الحدوشي
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم