تحرير مفهوم الجورب الرقيق عند الفقهاء

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

تحرير مفهوم الجورب الرقيق عند الفقهاء

رأيت مقطعاً لبعض الشباب هداهم الله يأتي بالجورب المعروف عندنا جورب القطن ويقول أنه لا يجوز المسح عليه

ويظن أن الفقهاء إذا قالوا جورب رقيق فهُم يعنون كل ما لَم يكن جلداً

وهذا غلط فالجورب الرقيق عند فقهاء المذهب هو ما لا يثبت عند المشي عليه مجرداً

وقال ابن المنذر: ويروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ علي، وعمار، وابن مسعود، وأنس، وابن عمر، والبراء، وبلال، وابن أبي أوفى، وسهل بن سعد، وبه قال عطاء، والحسن وسعيد بن المسيب، والنخعي، وسعيد بن جبير، والأعمش، والثوري، والحسن بن صالح، وابن المبارك، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد. وقال أبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي، ومجاهد، وعمرو بن دينار، والحسن بن مسلم، والشافعي: لا يجوز المسح عليهما، إلا أن ينعلا؛ لأنهما لا يمكن متابعة المشي فيهما، فلم يجز المسح عليهما، كالرقيقين ولنا: ما روى المغيرة بن شعبة، «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مسح على الجوربين والنعلين»

انتبه لقوله ( لأنه لا يمكن المشي بهما ) بمعنى أنه إذا مشى بهما لا يسقطان ولا يتقطعان مباشرة وأما التقطع من كثرة الاستخدام فهذا لا يتعلق به حكم

وفي المغني لابن قدامة :” قال أحمد في المسح على الجوربين بغير نعل: إذا كان يمشي عليهما، ويثبتان في رجليه، فلا بأس.
وفي موضع قال: يمسح عليهما إذا ثبتا في العقب. وفي موضع قال: إن كان يمشي فيه فلا ينثني، فلا بأس بالمسح عليه، فإنه إذا انثنى ظهر موضع الوضوء. ولا يعتبر أن يكونا مجلدين”

لاحظ الإمام أحمد يقول بأنهما بمجرد ثباتهما في العقب يصح المسح عليهما وهذا يبين لك ضابط الرقيق وعامة الجوارب اليوم هكذا وكذلك إذا مشى عليها لا تنثني فإنه إذا انثنى ظهر الكعبان وعامة الجوارب اليوم تغطي محل الفرض ( الكعبين ) وأكثر

ولاحظ قوله ( يعتبر أن يكونا مجلدين ) يعني لا يشترط أن يكونا جلداً كما فهم صاحب المقطع

ثم الجورب الرقيق إذا كان يثبت بنعل أو حذاء جاز المسح عليه

قال ابن تيمية في شرح عمدة الفقه :” ولأن الحاجة تدعو إلى لبس الجوربين كذلك بخلاف ما لا يثبت إلا بشده، فإنه لا يلبس غالبا (إلا بشده) “

يريد الشيخ أن الحاجة أباحت مسح الجوربين وهذه الحاجة ينبغي أن تكون مقيدة بالصفيق لأنه هو الذي يحتاج إليه لأنه يدفيء القدم بخلاف الرقيق الذي كاللفافة لا يمشى عليه إلا بشده

والجوارب الحالية هي ( تساخين ) تغطي محل الفرض وتحقق الدفء وتدعو إليها الحاجة ويمشى عليها فلا تتثنى في الغالب فضلا عن السقوط بمجرد المشي عليها بل إن المرء لو كان في الصحراء ويمشي على الرمل لكان مشيه عليها مسافات طويلة مما لا يضرها وكذلك المشي عليها في الحرم وعلى ( السيراميك ) وغيرها من أنواع الأراضي فينطبق عليه قول أحمد يذهب به الناس ويجيئون.