فمن أحكام المشتهرة عند العامة والخاصة أنه عند دخول العشر من ذي الحجة
، وأراد المرء أن يضحي فإنه يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره
وورد في بعض الأخبار ( وبشره ) ، فذهب بعض أهل العلم أن المرء على يأخذ
من
1- شعره
2- أظفاره
3- بشره وفسرها بالجلد الزائد
والحق أن هذا فيه نظر ، بل البشر والأظفار شيءٌ واحد وبيان ذلك من وجوه
الأول : أن الروايات التي جاء فيها ذكر الأظفار لم يذكر فيها البشر ، والتي
ذكر فيها البشر لم يذكر فيها الأظفار مع اتفاق المخرج مما يدل على أن البشر والأظفار
شيءٌ واحد
قال الإمام مسلم في صحيحه 5159- [39-1977] حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ
الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ، يُحَدِّثُ عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا
دَخَلَتِ الْعَشْرُ ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ ، فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ
وَبَشَرِهِ شَيْئًا.
قِيلَ لِسُفْيَانَ : فَإِنَّ بَعْضَهُمْ لاَ يَرْفَعُهُ ، قَالَ : لَكِنِّي
أَرْفَعُهُ.
5160- [40-…] وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا
سُفْيَانُ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، تَرْفَعُهُ
، قَالَ : إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَعِنْدَهُ أُضْحِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ ،
فَلاَ يَأْخُذَنَّ شَعْرًا ، وَلاَ يَقْلِمَنَّ ظُفُرًا.
5161- [41-…] وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى
بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ أَبُو غَسَّانَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَالِكِ
بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا
رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِي الْحِجَّةِ ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ ، فَلْيُمْسِكْ
عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ.
5162- […] وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ الْهَاشِمِيُّ
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
، عَنْ عُمَرَ ، أَوْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
5163- [42-…] وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ
، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو اللَّيْثِيُّ ، عَنْ عُمَرَ
بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ
بْنَ الْمُسَيَّبِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلاَلُ ذِي الْحِجَّةِ
، فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ ، وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ.
5164- […] حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍ ، وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُسْلِمِ
بْنِ عَمَّارٍ اللَّيْثِيُّ ، قَالَ : كُنَّا فِي الْحَمَّامِ قُبَيْلَ الأَضْحَى ،
فَاطَّلَى فِيهِ نَاسٌ ، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَمَّامِ : إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ
يَكْرَهُ هَذَا ، أَوْ يَنْهَى عَنْهُ ، فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ، فَذَكَرْتُ
ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، هَذَا حَدِيثٌ قَدْ نُسِيَ وَتُرِكَ ، حَدَّثَتْنِي
أُمُّ سَلَمَةَ ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِمَعْنَى حَدِيثِ مُعَاذٍ
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو.
5165- […] وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ
، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ ، أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
هِلاَلٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ الْجُنْدَعِيِّ ، أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ ،
أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَتْهُ وَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ.
الوجه الثاني : أن بعض أهل العلم بوب بمنع الأخذ من الأظفار ثم روى الحديث
بلفظ النهي عن الأخذ من ( البشر ) مما يدل على أن معناهما واحدٌ عنده
قال ابن ماجه في سننه 11: بَابُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ، فَلاَ يَأْخُذْ
فِي الْعَشْرِ ، مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ
3149: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَمَّالُ ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ : إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ
أَنْ يُضَحِّيَ ، فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ ، وَلاَ بَشَرِهِ شَيْئًا.
وقال البيهقي في الكبرى ( باب سنة لمن أراد أن يضحي أن لا يأخذ من شعره
ولا من ظفره إذا أهل هلال ذي الحجة حتى يضحي )
18820 : أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي ثنا
القاضي أبو محمد يحيى بن منصور ثنا إبراهيم بن أبي طالب ثنا بن أبي عمر ثنا سفيان عن
عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أم سلمة رضي الله
عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا
يمس من شعره ولا بشره شيئا
قيل لسفيان فإن بعضهم لا يرفعه
قال لكني أرفعه
رواه مسلم في الصحيح عن بن أبي عمر
الوجه الثالث : أنني ما رأيت أحداً من أهل يقول ( النهي عن الأخذ من الأظفار
والبشر ) فيعطف عطف مغايرة
ثم إن الجلد الزائد حال نادر ، ولا تعلق الأحكام بمثل هذه الأحوال النادرة
في الغالب
ومن هذا تعلم أن قول صاحب زاد المستقنع :” ويحرم على من يضحي أن يأخذ
في العشر من شعره أو بشرته شيئاً”
ليس فيه غفلة عن الأظفار ، بل إن الأظفار هي البشرة في عرف المتقدمين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم