فقد وقع النزاع في نبوة أخوة يوسف ، فذهب طائفة من المتأخرين إلى نفي النبوة
عنهم ، وللسيوطي رسالة في ذلك وتبعه الآلوسي في روح المعاني ، ومال إليه ابن كثير في
تفسيره وقد رأيت بحثاً لشيخ الإسلام يذهب فيه إلى عدم نبوتهم
وهؤلاء جميعاً استدلوا بأحوالهم مع أخيهم على نفي ذلك
وأردت أن أبحث في المسألة حسب أقوال السلف ، فوجدت العامة من السلف على
القول بنبوتهم .
بل لم أقف على أحد يقول بنفي نبوتهم
صراحةً
قال الله تعالى : ( قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا
وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ
وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )
قال ابن أبي حاتم في تفسيره 6313 : حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم ، ثنا
أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : ( والأسباط ) هو يوسف وإخوته بنو يعقوب
اثنا عشر رجلا ، ولد كل رجل منهم أمة من الناس فسموا الأسباط وروي عن قتادة ، والربيع
بن أنس نحو ذلك
وقال ابن أبي حاتم في تفسيره 1294 : حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد
، ثنا أسباط ، عن السدي :
وأما الأسباط فهم بنو يعقوب ،
يوسف وبنيامين ، ويهوذا ، وشمعون ، ولاوي ، وجان ، وفهاب .
وقال الطبري في تفسيره : ويعني بقوله:”ومَا أنزل إلى إبراهيم”،
صدَّقنا أيضًا وآمنا بما أنزل إلى إبراهيم”وإسماعيلَ وإسحاقَ ويعقوبَ والأسباط”،
وهم الأنبياء من ولد يَعقوب.
وظاهر هذا القول بنبوتهم وتأويله بأنهم أرادوا ذريتهم لا يظهر ، بل نصوا
على أسمائهم
وقال الخرائظي في مكارم الأخلاق 346 : حدثنا إبراهيم بن الجنيد ، حدثنا
داود بن رشيد ، حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : قال يوسف بن يعقوب لإخوته الأسباط لما
حضرته الوفاة : يا إخوتاه ، إني لم أنتصف لنفسي من مظلمة ظلمتها في الدنيا ، وإني كنت
أظهر الحسنة وأدفن السيئة ، فذلك زادي من الدنيا ، يا إخوتي إني شاركت آبائي في صالح
أعمالهم ، فأشركوني في قبورهم .
وهذا ظاهر في أنهم هم الأسباط الأنبياء
قال الطبري في تفسيره 18787: حدثني يونس ، قال، أخبرنا ابن وهب ، قال،
قال ابن زيد ، في قوله :”يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا” الآية ، قال: أبواه
وإخوته . قال: فنعاه إخوته، وكانوا أنبياء ، فقالوا: ما رضي أن يسجد له إخوته حتى سجد
له أبواه! حين بلغهم.
قال الطبري في تفسيره 19949 : حدثني المثنى، قال: حدثنا الحارث، قال: حدثنا
عبد العزيز، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، قال: والله لو كان قتلُ
يوسف مضى لأدخلهم الله النارَ كُلَّهم، ولكن الله جل ثناؤه أمسك نفس يوسف ليبلغ فيه
أمره، ورحمة لهم. ثم يقول: والله ما قصَّ الله نبأهم يُعيّرهم بذلك إنهم لأنبياء من
أهل الجنة، ولكن الله قصَّ علينا نبأهم لئلا يقنط عبده.
ابن زيد هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم والسند إليه قوي
والسلف أعلم الناس بسياق القرآن ، فمع شهرة القول بنبوتهم في زمن السلف
، ولم يوجد من ينكر ذلك ولو وجد لانتشر قوله وظهر
ولو توقف المرء لكان هيناً ، ولكن أن نجزم بنفي ما أثبته جماعة من السلف
هذا ما ينبغي أن يتوقى ، وأجبن عنه جداً
فمن وقف على قول لأحد من السلف يجزم فيه بنفي النبوة عنهم فليذكره أكون
شاكراً له
وما قيل من أحوالهم مع أخيهم يجاب عنه بأنه قبل النبوة
وأما حديث ( الكريم ابن الكريم ) ، فيقال في جواب الاستدلال عليه ، أن
يوسف أكرمهم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم