الغزالي والإشارة إلى عقيدة وحدة الوجود

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الغزالي في قواعد العقائد ص116
:” وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فَضلكُمْ أَبُو بكر بِكَثْرَة صِيَام
وَلَا صَلَاة وَلَكِن بسر وقر فِي صَدره رَضِي الله عَنهُ

وَلَا شكّ فِي أَن ذَلِك السِّرّ كَانَ
مُتَعَلقا بقواعد الدّين غير خَارج مِنْهَا وَمَا كَانَ من قَوَاعِد الدّين لم يكن
خافيا بظواهره على غَيره

وَقَالَ سهل التسترِي رَضِي الله عَنهُ
للْعَالم ثَلَاثَة عُلُوم علم ظَاهر يبذله لأهل الظَّاهِر وَعلم بَاطِن لَا يَسعهُ
أظهاره إِلَّا لأَهله وَعلم هُوَ بَينه وَبَين الله تَعَالَى لَا يظهره لأحد

وَقَالَ بعض العارفين إفشاء سر الربوبية
كفر

وَقَالَ بَعضهم للربوبية سر لَو أظهر
لبطلت النُّبُوَّة وللنبوة سر لَو كشف لبطل الْعلم وللعلماء بِاللَّه سر لَو
أظهروه لبطلت الْأَحْكَام وَهَذَا الْقَائِل إِن لم يرد بذلك بطلَان النُّبُوَّة
فِي حق الضُّعَفَاء لقُصُور فهمهم فَمَا ذكره لَيْسَ بِحَق بل الصَّحِيح أَنه لَا
تنَاقض فِيهِ وَأَن الْكَامِل من لَا يطفىء نور مَعْرفَته نور ورعه وملاك الْوَرع
النُّبُوَّة”

تأمل هذا الكلام العجيب وأن هناك سراً لو
عرفه العوام لبطل فهمهم للنبوة وللشريعة !

وهذا السر يبدو أنه وحدة الوجود إذ لا
ينطبق هذا الكلام إلا عليها

وهذا ما استظهره ابن تيمية

قال ابن تيمية في النبوات ص396 :” وابن
عربي له أربع عقائد: الأولى: عقيدة أبي المعالي وأتباعه مجرّدة عن حُجّة. والثانية:
تلك العقيدة مبرهنة بحججها الكلاميّة. والثالثة: عقيدة الفلاسفة؛ ابن سينا وأمثاله
الذين يُفرّقون بين الواجب والممكن. والرابعة: التحقيق الذي وصل إليه؛ وهو [أنّ] الوجود
واحدٌ. وهؤلاء يسلكون مسلك الفلاسفة الذي ذكره أبو حامد في ميزان العمل؛ وهو: أنّ
الفاضل له ثلاث عقائد: عقيدة مع العوامّ يعيش بها في الدنيا؛ كالفقه مثلاً. وعقيدة
مع الطلبة يدرّسها لهم؛ كالكلام. والثالثة: [سرٌ] لا يطّلع عليه أحدٌ إلا الخواصّ
المضنون به على غير أهله فلسفة محضة

ولهذا صنّف الكتب المضنون بها على غير
أهلها، وهي فلسفة محضة، سلك فيها مسلك ابن سينا. ولهذا يجعل اللوح المحفوظ هو
النّفس الفلكيّة إلى أمور أخرى قد بُسطت في غير هذا الموضع، ذكرنا ألفاظه بعينها
في مواضع؛ منها: الردّ على ابن سبعين وأهل الوحدة، وغير ذلك؛ فإنّه لمّا انتشر
الكلام في مذهب أهل الوحدة، وكنتُ لمّا دخلتُ إلى مصر بسببهم، ثمّ صرتُ في
الإسكندرية، جاءني من فضلائهم من يعرف حقيقة أمرهم، وقال: إن كنتَ تشرح لنا كلام
هؤلاء، وتُبيِّن مقصودهم، ثمّ تُبطله، وإلا فنحن لا نقبل منك كما لا نقبل من غيرك”

وقد قال الغزالي في كتابه فضائح الباطنية
ص109 :” والحلول قد ذهب اليه طوائف كَثِيرَة فَلَيْسَ بطلَان مَذْهَب
الحلولية ضَرُورِيًّا فَكيف يكون ضَرُورِيًّا وَفِيه من الْخلاف الْمَشْهُور مَا
لَا يكَاد يخفى حَتَّى مَال الى ذَلِك طَائِفَة كَبِيرَة من محققي الصوفيه
وَجَمَاعَة من الفلاسفة واليه اشار الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج الَّذِي صلب
بِبَغْدَاد حَيْثُ كَانَ يَقُول أَنا الْحق أَنا احق وَكَانَ يقْرَأ فِي وَقت
الصلب وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صلبوه وَلَكِن شبه لَهُم واليه أَشَارَ أبوزيد
البسطامي بقوله سبحاني سبحاني مَا أعظم شأني وَقد سَمِعت انا شَيخا من مَشَايِخ
الصُّوفِيَّة تعقد عَلَيْهِ الخناصر ويشار اليه بالأصابع فِي متانة دين وغزارة علم
حكى لي عَن شَيْخه المرموق فِي الدّين والورع انه قَالَ مَا تسمعه من أَسمَاء الله
الْحسنى الَّتِي هِيَ تِسْعَة وَتسْعُونَ كلهَا يصير وَصفا للصوفي السالك بطريقه
الى الله وَهُوَ يعد من جملَة السائرين الى الله لَا من زمرة الواصلين وَكَيف
يُنكر هَذَا وَعَلِيهِ مَذْهَب النَّصَارَى فِي اتِّحَاد اللاهوت بناسوت عِيسَى
عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى سَمَّاهُ بَعضهم إِلَهًا وَبَعْضهمْ ابْن الْإِلَه
وَبَعْضهمْ قَالُوا هُوَ نصف الْإِلَه وَاتَّفَقُوا على انه لما قتل انما قتل
مِنْهُ الناسوت دون اللاهوت كَيفَ وَقد تخيل جمَاعَة من الروافض ذَلِك فِي عَليّ
رَضِي الله عَنهُ وَزَعَمُوا أَنه الْإِلَه وَكَانَ ذَلِك فِي زَمَانه حَتَّى امْر
باحراقهم بالنَّار فَلم يرجِعوا وَقَالُوا بِهَذَا يبين صدقنا فِي قَوْلنَا أَنه
الْإِلَه لِأَن رَسُول الله صلى الله عيه وَسلم قَالَ لَا يعذب بالنَّار إِلَّا
رَبهَا فَبِهَذَا يبين ان بطلَان هَذَا الْمَذْهَب لَيْسَ بضروري وَلكنه ضرب من
الحماقة وَيعرف بُطْلَانه بِالنّظرِ الْعقلِيّ كَمَا يعرف بطلَان مَذْهَبهم فَإِذا
قد بَطل قَوْلهم لَا مدعي للعصمة سوى صاحبنا بل قد ظهر من يَدعِي الْعِصْمَة
وَزِيَادَة”

فانظر العجب يصف القائلين بالحلول من
الصوفية ب( المحققين ) وكأنه يشير إلى أن هذا هو السر على أن عقيدة الوحدة تختلف
عن الحلول على تقاطع بينهما

وقد رأيت بعض المقالات في الشبكة في إثبات
أن الغزالي يقول بوحدة الوجود اقتباساً من كتاب الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة
في التاريخ) للمؤلف: (محمود عبد الرؤوف القاسم)

ولم أرَ من تعرض لهذا الكلام

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم