الرد على حاتم العوني في نفيه لفضيلة ثابتة لمعاوية ودفاعه عن الرافضي عدنان إبراهيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال حاتم العوني في صفحته على الفيس بوك :” الدفاع عن الصحابة ، لا يكون باختراع فضائل لهم ، لم تأت في الكتاب والسنة ، وليست عملا صالحا دل الكتاب والسنة على أنه قربى وطاعة يستحق فاعلها الثناء عليه بها .

وليس يُثبت الفضلَ كلامُ من كان ممن ليس يوحى إليه .

فمثلا : وصف معاوية رضي الله عنه بأنه خال المؤمنين : لم يصفه به نص من الوحي ، كما وصف الوحي زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن بأمهات المؤمنين { ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوٰجُهُ أُمَّهَٰتُهُمْ } . فمجرد كون شخص من الصحابة أخا لإحدى أمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) لم يرتب عليه الشرع فضيلة ما ، كما لم يرتب على مجرد كونه أبا لإحداهن فضيلة معينة . فكيف إذا كانت أم المؤمنين تلك ، كرملة بنت أبي سفيان ، لم يزوجها أبوها ولا أخوها ، بل كانا كافرين حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم .

وأستغرب من شخص ينفي فضائل آل البيت الثابتة بحديث : (ويا فاطمة بنت محمد ، سليني ما شئت من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئا) ، فينفي الفضل بلنسب لبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويثبته بمجرد الصهر لمعاوية رضي الله عنه .

واختراع مثل هذه الفضائل لصحابي أمر لا حاجة له ، مع ثبوت فضله في نصوص الثناء الكثيرة للصحابة عموما في الكتاب والسنة .

وخطورة مثل هذا الاختراع تنبع من أمرين :

أولا : أنه يفتح بابا للتفضيل لم يفتحه الشارع ، ومثل هذا الفتح لا يختلف عن أي صورة من صور استحسان البدع والمحدثات بغير دليل من الشرع ؛ لأنه اتخذ مصدرا للتشريع لم يأذن به الله تعالى .

ثانيا : أنه قد يكون دليل غلو في ذلك الصحابي ، يرفعه فوق مكانه . ولولا ذلك الغلو ، لما احتيج إلى تفضيله بما لا علاقة له ولا دليل فيه على فضله .

لقد سمعت في الأسابيع القريبة الماضية من صور الغلو في معاوية رضي الله عنه ، ما يقترب من النصب وانتقاص فضل علي بن أبي طالب ومن فضل ابنيه سيدي شباب أهل الجنة رضي الله عنهم أجمعين ؛ إذ الغلو في معاوية رضي الله عنه ، خاصة إذا أدى إلى ما يشبه ادعاء العصمة له، بحجة أنه صحابي ، أو بحجة أنه خال المؤمنين ، أو بحجة أنه كاتب من كتاب الوحي ، أو بحجة السكوت عما شجر بين الصحابة = يعني أنه لم يخطئ في حق علي رضي الله عنه .

والغريب مثلا : أن بعض من يدعي أنه لا يخطئ معاوية رضي الله عنه في حربه لعلي رضي الله عنه ، بحجة السكوت عما شجر بين الصحابة ، لا مانع عنده من أن يخطئ الحسين رضي الله عنه ، وقد يصفه بأنه خرج على خليفة المسلمين ، مع أن الحسين هو الصحابي ، ويزيد بن معاوية ليس من الصحابة أصلا !! فهلا سكت عن الصحابي فيما شجر بينه وبين غير الصحابي ، كما ادعى السكوت عما شجر بين علي ومعاوية رضي الله عنهما “

أقول : قوله ( فمجرد كون شخص من الصحابة أخا لإحدى أمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) لم يرتب عليه الشرع فضيلة ما)

من سطحية فهمه للأدلة فإن ذلك الفضل ثابت بالأدلة الشرعية

قال الخلال في السنة 654- وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْم‍َيْمُونِيُّ , قَالَ : قُلْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : أَلَيْسَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُلُّ صِهْرٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلاَّ صْهِرِي وَنَسَبِي ؟ قَالَ : بَلَى , قُلْتُ : وَهَذِهِ لِمُعَاوِيَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , لَهُ صِهْرٌ وَنَسَبٌ . قَالَ : وَسَمِعْتُ ابْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ : مَا لَهُمْ وَلِمُعَاوِيَةَ , نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ.

فهذا الإمام أحمد إمام الفقه والحديث ينتزع فضل مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الحديث ، خلافاً لأصحاب الفهم السطحي كالدكتور حاتم المولع بالمخالفة والشذوذ

وأما إنكاره لكون معاوية خال المؤمنين فهذا إجماع أهل السنة لذا كان أحمد يبدع من ينكر هذا

قال الخلال في السنة 657- أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ , وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى , أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ : أَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ وَابْنُ عُمَرَ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , مُعَاوِيَةُ أَخُو أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ , زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَحِمَهُمَا , وَابْنُ عُمَرَ أَخُو حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَحِمَهُمَا , قُلْتُ : أَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَعَمْ.

658- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , يَقُولُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : جَاءَنِي كِتَابٌ مِنَ الرَّقَّةِ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا : لاَ نَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ , فَغَضِبَ وَقَالَ : مَا اعْتِرَاضُهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ , يُجْفَوْنَ حَتَّى يَتُوبُوا.

659- أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ : وَجَّهْنَا رُقْعَةً إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ : مَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ فِيمَنْ قَالَ : لاَ أَقُولُ إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَاتَبُ الْوَحْيِ , وَلاَ أَقُولُ إِنَّهُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّهُ أَخَذَهَا بِالسَّيْفِ غَصْبًا ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : هَذَا قَوْلُ سَوْءٍ رَدِيءٌ , يُجَانَبُونَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ , وَلاَ يُجَالَسُونَ , وَنُبَيِّنُ أَمْرَهُمْ لِلنَّاسِ.

وأما قول ابن كثير في تفسيره (6/ 381) : ” وهل يقال لمعاوية وأمثاله: خال المؤمنين؟ فيه قولان للعلماء. ونص الشافعي على أنه يقال ذلك”

فلا يدرى متى حدث هذا الخلاف ، وقول الإمام أحمد في الإنكار يدل على أنه خلاف غير معتبر وحادث ، ولهذا قال ابن كثير نفسه في البداية والنهاية (8/ 20) :” هُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَّيٍّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ، خَالُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَاتِبُ وَحْيِ رَبِّ الْعَالَمِينَ “

والعجيب أن حاتماً العوني مع إنكاره لئن يقال معاوية ( خال المؤمنين ) ويعتبر ذلك إحداثاً مع تتابع العلماء عليه ، وإنكارهم على من تركه يصف نفسه ب( الشريف ) وهو لقب حادث وقد أنكر شيخ الإسلام تخصيص بني هاشم بلفظ ( الشرف ) واستدل لذلك من السنة

قال شيخ الإسلام كما في جامع المسائل (4/157) :” وتخصيصُ لفظ الأشراف بهم عُرْفٌ حادثٌ ، والشرف هو الرئاسة، كالحديث الذي رواه الترمذي وصححه عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه قال: “ما ذئبانِ جائعانِ أُرسِلا في غنمٍ بأفسَد لها مِن حرصِ المرء على المال والشرف لدينه”.

وفي الصحيح (عن عائشة أن قريشًا أهمهم شأنُ المخزومية فقالوا: مَن يكلِّم فيها رسولَ الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ؟ قالوا: ومن يَجترىءُ عليه إلاّ أسامة بن زيد، فكلَّمه فيها فغضِبَ النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ، فقال: “إنما هلكَ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سَرَق فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سَرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، والذي نفس محمد بيدِه لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدَها”. فهذه كانت من أشرافِ قريش، وكانت مخزوميةً”

ومع هذه الحملة على أهل السنة يقول حاتم العوني في الرافضي عدنان إبراهيم :” الدكتور عدنان إبراهيم أعلم من كثير ممن انتقدوه , بل هو أحق بوصف العالم من كثير من شيوخهم , فضلا عنهم !

وليس هو رافضيا (كما يقولون) , وحاشاه من ذلك , وهذا ظاهر من كلامه بلا ريب ولا شبهة “

أما العلم الذي يؤدي بصاحبه إلى سب الصحابة فهذا جهل وليس علماً

قال البربهاري في شرح السنة :” واعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب ولكن العالم من اتبع الكتاب والسنة وإن كان قليل العلم والكتب ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير الرواية والكتب”

والخبيث عدنان إبراهيم أنزل عدة حلقات في ثلب معاوية تابع فيها شبهات الخساف التي نقضتها في ( تسفيه أدعياء التنزيه ) فلا داعي للإعادة هنا ، ومن سب معاوية يسميه عدد من كبار أهل العلم رافضياً

قال حرب الكرماني في عقيدته الموجودة في آخر مسائله (3/ 967) :” هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أوعاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم”

ثم قال بعد أن قرر عدداً من المسائل (3/ 976) :” ومن السنة الواضحة البينة الثابتة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساوئهم والذي شجر بينهم، فمن سب أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، أو أحدًا منهم، أو طعن عليهم، أو عرض بعيبهم أو عاب أحدًا منهم بقليل أوكثير، أو دق أو جل مما يتطرق إلى الوقيعة في أحد منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا قبل الله صرفه ولا عدله بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربه، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة”

وهؤلاء الأئمة أعلم منا بالمصطلحات التي هم وضعوها ومنهم تلقيناها ، فلو شغل الدكتور نفسه بتعلم العلم النافع ، بدلاً من الخوض في هذه المسائل التي لا يحسنها لكان خيراً له

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم