الرد على الدكتور عادل الشيخاني في حشره لكتب أهل البدع في كتب أهل السنة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الدكتور  عادل الشيخاني  في كتابه قواعد في بيان حقيقة الإيمان عند السلف
ص90:

 “وسنذكر جملة من مصنفات أهل
السنة والجماعة في الاعتقاد على حسب الترتيب الزمني:

(1) الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة.

(38) الأسماء والصفات للبيهقي .

(54) أقاويل الثقات في الأسماء والصفات لمرعي الحنبلي.

(55) العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ” .

لقد حذفت الكتب التي لا اعتراض عليها ، وإنما اكتفيت بالكتب التي لا ينبغي
أن تذكر في الكتب السلفية، أما كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة فلا يصح عنه أصلاً وفيه
مواطن كثيرة تخالف اعتقاد أهل السنة والجماعة.

جاء في كتاب الفقه الأكبر المنسوب لأبي حنيفة ص301: “وصفاته الذاتية
والفعلية، أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة، وأما
الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل
ولا يزال بأسمائه وصفاته”.

القول بأن صفة الكلام ذاتية مشكل بل باطل لأن صفة الكلام ذاتية فعلية ،
فالله يتكلم بما شاء متى شاء والقول بأنها ذاتية إنما يجري على أصول الكلابية، قال
الله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾،
والقول بأن صفة الكلام ذاتية إنما يجري على أصول الكلابية القائلين بالكلام النفسي
فالكلام عندهم لا يتعلق بالمشيئة، وحتى السمع والبصر هي قديمة النوع حادثة الآحاد.

قال  صالح آل الشيخ في شرح العقيدة الواسطية: “الأشاعرة والماتريدية
وجماعات يقولون سمعه قديم، يثبتون السمع ولكن السمع عندهم ليس بحادث، السمع قديم، فسمع
الكلام في القدم لعلمه به هكذا يزعمون، وهذا الكلام فيه التكذيب للقرآن ولولا التأويل
لكانوا كفارا بذلك ، لأن الله جل وعلا يقول: ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾،
وقال ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ﴾ وإذا كان السماع في الماضي
قبل مجيء الكلام وقبل حصوله وقبل حصول المجادلة بين المرأة وبين رسول الله صلى الله
عليه وسلم هل يصح أن يقال: ﴿قَدْ سَمِعَ﴾ بصيغة الماضي؟

وإنما يقال: ﴿قَدْ سَمِعَ﴾ إذا كان الأمر قد وقع وانتهى ولهذا قال نجد
في النصوص لفظ الماضي ولفظ المضارع فقد يكون في إثبات السمع القديم البصر القديم دون
البصر الحادث والسمع الحادث والكلام الحادث فيه نفي لدلالات النصوص وفيه تكذيب لها
لأن الله جل وعلا يقول ?قَدْ سَمِعَ? وهؤلاء يقولون سمعه قديم، كيف؟ سمع في القدم قبل
حدوث الكلام؟

هذا لا يصح أن يقال ﴿قَدْ سَمِعَ﴾.

قال جل وعلا: ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ هذا فعل مضارع دلالته
على الحال يعني يسمع تحاوركما الآن .

قد قالت عائشة: (سبحان من وسع سمعه الأصوات أتت المجادلة إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم تجادله في زوجها وليس بيني وبينها إلا جدار لم أسمعها)، الله يسمع
، حين الكلام سمع ذلك جل وعلا.

وهذا ما يثبته أهل السنة والجماعة ، هذا ولا شك يعظم الصفة في نفس المؤمن
لأنه يعلم أن الله جل وعلا يسمع سره ونجواه ﴿أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ
سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ يسمع جل وعلا السر والنجوى فلا يخفى عليه شيء ، سمعه وسع
الأصوات ، ما من شيء يُسْمَع إلا والله جل وعلا يسمعه ، يسمع صوت دبيب النمل فوق الصفا
، وهذه الصفة يجب الإيمان بها كما ذكرت بدلالاتها”.

أقول: وهذا الكلام الذي ذكره الشيخ صالح في صفة السمع والبصر يقال أيضاً
في صفة الإرادة إذ أن لها آحاداً حادثة، قال الله تعالى : ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا
أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية
في بيان تلبيس الجهمية كلاماً لابن رشد الفيلسوف ينقض فيه مذهب المتكلمين القائل بأن
الله عز وجل أراد بإرادة قديمة جميع المحدثات.

وقال صالح بن فوزان الفوزان في التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية:
“وأما أفعاله سبحانه، فهي قديمة النوع حادثة الآحاد”، وعلى قول الشيخ هذا
يصح إطلاق (قديمة النوع حادثة الآحاد) في جميع الصفات الفعلية، من هذا تعلم خطأ الشيخ
الدكتور محمد الخميس حين أورد هذا النص في كتابه اعتقاد الأئمة الأربعة على أنه اعتقاد
سلفي، وكذلك أحمد النجار في كتاب له في القواعد في الأسماء والصفات.

وهناك نصوص أخرى مشكلة أو باطلة في كتاب الفقه الأكبر المنسوب لأبي حنيفة،
فمن ذلك قوله: “ولفظنا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق وكتابتنا لَهُ مخلوقة وقراءتنا لَهُ
مخلوقة وَالْقُرْآن غير مَخْلُوق”، وهذا قول اللفظية الذين بدعهم السلف، وهذا
من براهين بطلان نسبة هذه الرسالة لأبي حنيفة فإنه لم يدرك مبحث اللفظ هذا.

ومن ذلك قوله في الفقه الأكبر: “وَيَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ وهم فِي
الْجنَّة بأعين رؤوسهم بِلَا تَشْبِيه وَلَا كَيْفيَّة وَلَا يكون بَينه وَبَين خلقه
مَسَافَة”، فنفي وجود المسافة إنما يجري على أصول القائلين بأنه يرى إلى غير جهة
وهو قول الأشعرية الجهمية ومذهب السلف أن الإثبات والنفي بحسب الوارد بالنصوص، وقد
شبه النبي صلى الله عليه وسلم رؤية الله عز وجل برؤية القمر ، والقمر يرى بالبصر وهو
فوقنا.

ومن ذلك قوله: “والأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام كلهم منزهون
عَن الصَّغَائِر والكبائر وَالْكفْر والقبائح وَقد كَانَت مِنْهُم زلات وخطايا”،
القول بتنزيه الأنبياء عن الصغائر هو قول الأشاعرة ، وقد بينت بطلانه في الرد على الداني
آل زهوي.

وقوله: “وَمُحَمّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حَبِيبه وَعَبده
وَرَسُوله وَنبيه وَصفيه ونقيه وَلم يعبد الصَّنَم وَلم يُشْرك بِاللَّه تَعَالَى طرفَة
عين قطّ وَلم يرتكب صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة قطّ”

 هذا يخالف القرآن في قوله تعالى:
﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾، وقوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾، ويخالف الأحاديث الكثيرة ومنها
قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فِي سُجُودِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ
دِقَّهُ ، وَجِلَّهُ ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّهُ))، رواه مسلم.

وكذلك قوله في الفقه الأكبر: “وَالْقُرْآن منزل على رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي الْمَصَاحِف مَكْتُوب وآيات الْقُرْآن فِي معنى الْكَلَام
كلهَا مستوية فِي الْفَضِيلَة وَالْعَظَمَة الا ان لبعضها فَضِيلَة الذّكر وفضيلة الْمَذْكُور
مثل آيَة الْكُرْسِيّ لِأَن الْمَذْكُور فِيهَا جلال الله تَعَالَى وعظمته وَصِفَاته
فاجتمعت فِيهَا فضيلتان فَضِيلَة الذّكر وفضيلة الْمَذْكُور ولبعضها فَضِيلَة الذّكر
فَحسب مثل قصَّة الْكفَّار وَلَيْسَ للمذكور فِيهَا فضل وهم الْكفَّار وَكَذَلِكَ الْأَسْمَاء
وَالصِّفَات كلهَا مستوية فِي العظمة وَالْفضل لَا تفَاوت بَينهَا”.

القول بأن آيات القرآن مستوية في الفضيلة هو قول الأشاعرة ويدفع ذلك حديث
أبي في فضل آية الكرسي، والأحاديث في فضل سورة الإخلاص وما ذكره في الفضل تأويل لحقيقة
الفضيلة، وكذلك القول بأن أسماء الله مستوية في الفضل هو قول الأشعري ويدفعه الأخبار
الواردة في اسم الله الأعظم.

وقوله: (وَالْإِيمَان هُوَ الْإِقْرَار والتصديق) وهذا تعريف مرجئة الجهمية.

وقوله: (وَلَيْسَ قرب الله تَعَالَى وَلَا بعده من طَرِيق طول الْمسَافَة
وقصرها وَلَكِن على معنى الْكَرَامَة والهوان والمطيع قريب مِنْهُ بِلَا كَيفَ والعاصي
بعيد مِنْهُ بِلَا كَيفَ والقرب والبعد والإقبال يَقع على المناجي وَكَذَلِكَ جواره
فِي الْجنَّة وَالْوُقُوف يين يَدَيْهِ بِلَا كَيْفيَّة).

وهذا تأويل للقرب والبعد بل هو قرب وبعد حقيقي

 قال البخاري في صحيحه 2441 – حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ
بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي
الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ
كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ
بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا
وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ
وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ
أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾.

وقال الخلال في السنة 320- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلاَّدٍ الْبَاهِلِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , قَالَ :
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ
: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى﴾ قَالَ : ذَكَرَ الدُّنُوَّ حَتَّى يَمَسَّ بَعْضَهُ.

321- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ
, قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي
, قَالَ : حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ , قَالَ : سَمِعْتُ
عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ , وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى﴾
قَالَ : ذَكَرَ الدُّنُوَّ مِنْهُ.

والخلاصة أن هذا أن هذا الكتاب ما ينبغي ذكره في كتب العقيدة السلفية والشيخاني
يزعم أنه صنف رسالته المذكورة للرد على المرجئة، فكيف يصدر كتب العقيدة بكتاب يقرر
عقيدة المرجئة!!

أما كتاب الأسماء والصفات للبيهقي فالمعروف أن البيهقي أشعري وكان يتحرز
من إثبات الصفات الفعلية على طريقة الكلابية.

قال المعلمي في التنكيل (1/ 242): “والبيهقي أرعبته شقاشق أستاذه
ابن فورك المتجهم الذي حذا حذو ابن الثلجي في كتابه الذي صنفه في تحريف أحاديث الصفات
والطعن فيها”.

ومخالفته لأهل السنة في الصفات التي أنكرها واضح ، غير أنه حتى الصفات
التي أثبتها ، قام بإثباتها على غير طريقة أهل السنة بل على طريقة الكلابية، قال البيهقي
في فصلٍ عقده لإثبات صفة اليدين (2/118) ط الحاشدي ((اليدين صفتين لا من حيث الجارحة)).

قوله: (لا من حيث الجارحة)؛ نفي الجارحة هي طريقة الكلابية وأهل السنة
لا يثبتون ولا ينفون، وقال البيهقي (2/114): ((العين صفة لا من حيث الحدقة))، وهذا
كالسابق ، وعلى هذا فقس.

وأما كتاب أقاويل الثقات للكرمي فهو كتاب تفويض!

قال مرعي في كتابه هذا في ص 120: “ومن المتشابه الإستواء في قوله
تعالى الرحمن على العرش استوى وقوله (ثم استوى على العرش)، وهو مذكور في سبع آيات من
القرآن، فأما السلف فإنهم لم يتكلموا في ذلك بشيء جريا على عادتهم في المتشابه من عدم
الخوض فيه مع تفويض علمه إلى الله تعالى والإيمان به”.

وقال أيضاً: “وجمهور أهل السنة – منهم السلف وأهل الحديث – على الإيمان
بها وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها”.

قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في “مجموع الفتاوى”
(13/294-295 ): “وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا
يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله
كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم، فإنهم وإن أصابوا في كثير مما
يقولونه ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم فالكلام على هذا من وجهين؛ الأول: من قال: إن
هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه فنقول أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن
أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه
الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام
الأعجمي الذي لا يفهم ولا قالوا: إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه وإنما قالوا
كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات: “تمر كما جاءت”، ونهوا عن
تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه، ونصوص أحمد
والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت
عليه من معناها”.

ودعواه أن السلف لم يفسروا آية الاستواء غير صحيح بل فسروها على الاثبات؛
قال ابن جرير الطبري في تفسيره (1/192) : ” الاستواء في كلام العرب منصرف على
وجوه: منها انتهاء شباب الرجل وقوته، فيقال إذا صار كذلك: قد استوى الرجل، ومنها استقامة
ما كان فيه أود من الأمور والأسباب، يقال منه: استوى لفلان أمره: إذا استقام له بعد
أود. ومنه قول الطرماح بن حكيم:

طال على رسم مهدد *** أبده وعفا واستوى به بلده

يعني: استقام به.

ومنها الإقبال على الشيء بالفعل، كمايقال: استوى فلان على فلان بما يكرهه
ويسوءه بعد الإحسان إليه. ومنها الاحتيازوالاستيلاء كقولهم: استوى فلان على المملكة،
بمعنى احتوى عليها وحازها. ومنها العلو والارتفاع، كقول القائل: استوى فلان على سريره،
يعني به علوه عليه. وأولى المعاني في قول الله جل ثناؤه: ﴿ثم استوى إلى السماء فسواهن﴾
علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات”.

قلت: هذا واضح في أنه اختار معنى العلو والإرتفاع ومثل له بعلو الرجل على
سريره وهذا لا يكون معنوياً فقط كما لا يخفى.

وقال صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية :” ولهذا شيخ الإسلام انتبه
لقوة هذا المعنى في الرد في المبتدعة الصفاتية والجهمية وغيرهم، فقرَّرَهُ في كتابه
التدمرية كما تعلمون.

إذاً فتفويض المعنى، المعنى أصلاً متفاوت فإذا فوضنا المعنى معناه أننا
لا نعلم أي قدر من المعنى، وهذا لاشك أنه نفي وجهالة بجميع دلالات النصوص على دالاً
على ماالأمور الغيبية، وهذا باطل؛ لأنَّ القرآن حجة، وجعله الله من نعوت الجلال والجمال
والكمال. وما يتّصف به ربنا يجب له التفويض يحتاج إلى مزيد بسط؛ لكن يمكن أن ترجعوا
إليه في مظانه، وكثير من العلماء فهم وظنْ أنَّ مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية والسلف
هو التفويض، حتى إنهم ينقلون كلام شيخ الإسلام ويحملونه على التفويض مثل السَفَّارِيني
ومثل مرعي بن يوسف في أقاويل الثقات، وجماعة من المتأخرين ينقلون كلام شيخ الإسلام
وفهموا أنَّ مذهب الإمام أحمد ومذهب شيخ الإسلام ومذهب السلف الذي هو أسلم أنه التفويض،
وهذا ليس بصحيح”.

وأما كتاب العلم الشامخ للمقبلي؛ فالمقبلي وإن كان قد رد على الزيدية في
عدة مسائل إلا أنه واقفي ويطعن في الإمام أحمد

وكتابه الذي ينصح به دكتور العقيدة ويحشره في كتب أهل السنة والجماعة فيه
الطعن في معاوية والدفاع عن عمرو بن عبيد، وقد أنكر العلو وطعن في شيخ الإسلام.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم