قال عبد القاهر البغدادي وقد توفي قبل ما يزيد على عشرة قرون في كتابه الفرق بين الفرق ص280 وهو يتكلم عن الباطنية :” وَقد قَالَ القيروانى فِي رسَالَته الى سُلَيْمَان بن الْحسن انى اوصيك بتشكيك النَّاس فى الْقُرْآن والتوراة وَالزَّبُور والانجيل وبدعوتهم الى ابطال الشَّرَائِع والى ابطال الْمعَاد والنشور من الْقُبُور وابطال الْمَلَائِكَة فى السَّمَاء وابطال الْجِنّ فى الارض واوصيك بَان تدعوهم الى القَوْل بانه قد كَانَ قبل آدم بشر كثير فان ذَلِك عون لَك على القَوْل بقدم الْعَالم “
أقول : هذا أقدم نص يربط بين السلوك الدارويني في عدم القول بأولية آدم والقول بقدم العالم
وتأمل قوله ( بقدم العالم ) لأن الزنادقة قديماً لم يكن أحدٌ منهم ينفي الأديان دون القول بقدم العالم فإن القول بحدوث العالم يستلزم بضرورة العقل وجود خالق مدبر وهذا محل اتفاق بين أهل الأديان والزنادقة غير أن الملاحدة اليوم اخترعوا مذهباً جديداً لم يعرفه العقلاء قط وهو الإقرار بحدوث العالم مع نفي الخالق ! وأتحدى أن يأتوا بواحد من بني آدم قال بهذا قبلهم في هذا العصر ( والقائلون بقدم العالم كثير منهم لا ينفون الخالق ولكن يجعلون الكون متولداً عنه كالشعاع المتولد من الشمس )
والعجيب أن هذا القيرواني كان إباحياً يبيح الأخت والأم والبنت وهكذا لا تجد دعوة إلحادية أو زندقية إلا وهي مقترنة بالإباحية ، وبهذا تفهم سبب حربهم على الأديان وتأييدهم لكل ما يظنونه مناقضاً لها فلما أفلسوا من القول بقدم العالم جنحوا إلى نظريات محل شك كبير وصاروا يسعون في تأييدها بكل قوة لتبرير إباحيتهم وانسلاخهم وكسلهم عما تفرضه الأديان وهذا حال معظمهم
واللطيف أن عبد القاهر ذكر في كتابه هذا عن بعض فرق الإباحية قولهم بالشيوعية في النساء
قال عبد القاهر وهو يتكلم عن بعض فرق الرافضة :” وافتتن بِهِ اصحابه بعد ذَلِك لما لم يَجدوا لَهُ جثة وَلَا رَمَادا وَزَعَمُوا انه صعد الى السَّمَاء واتباعه الْيَوْم في جبال ابلاق اكره اهلها وَلَهُم يى كل قَرْيَة من قراهم مَسْجِد لَا يصلونَ فِيهِ وَلَكِن يكترون مُؤذنًا يُؤذن فِيهِ وهم يسْتَحلُّونَ الْميتَة وَالْخِنْزِير وكل وَاحِد مِنْهُم يسْتَمْتع بِامْرَأَة غَيره”
وهذه هي عين فلسفة الشيوعية إذا بلغت أوجها فإنهم يدعون لحصول الشيوعية بين كل ممتلكات الناس حتى لا تقع الحروب ، وكان من دعوى كبار حذاقهم الدعوة للشيوعية في النساء
وذكر عن البابكية _ وهي فرقة إباحية _ أفناهم المسلمون طقس يشبه ما يفعل في حفلات رأس السنة في بعض البلدان الغربية
قال عبد القاهر :” مَا زيار الذى اظهر دين المحمرة بجرجان وللبابكيه فِي جبلهم لَيْلَة عيد لَهُم يَجْتَمعُونَ فِيهَا على الْخمر وَالزمر وتختلط فِيهَا رِجَالهمْ وَنِسَاؤُهُمْ فاذا أطفئت سرجهم ونيرانهم افتض فِيهَا الرِّجَال النِّسَاء”